” نعم ” العذراء مريم هي ” نعم ” العالم بأسره، لأن فمها هو فم الخليقة. حواء المرأة الأولى رفضت الطاعة لأمر الله. أما مريم قبلت قول الله وخضعت لتدبيره وأتاحت لكلمة الله أن يتجسّد فيها ويُظهِر منها لعالم.
” نعم ” العذراء أسهمت إسهاماً فاعلاً في تحقيق القصد الإلهي لخلاص البشر، عَلِم الأباء القديسون أن مساهمة مريم لا تعني قطعاً أن إرادتها حددت التصميم الإلهي، إلا أن طاعة مريم شكلّت خطاً واضحاً من خطوط هذا التصميم، فالطبيعة الإنسانية التي رفضت الله وانفصلت عنه بمعصية آدم وحواء وقالت ” لا ” تعود وتقول لله من جديد بفم مريم ” نعم “.
نعيّد لأن الله يحترم الحرية في الإنسان ، حتى الخاطىء، لم يُرد أن يخلّص العالم من دون موافقة العالم نفسه. مريم بموافقتها الحرة ساهمت مساهمة إجابية في العمل الإلهي. فإن التوافق التام بين الإرادة الإلهية والإرادة البشرية الممثلة لنا في إذعان العذراء مريم للكلمة الإلهية، هذا التوافق جعَل الخلاص ممكناً إذ ” إتخذ الله طبيعتنا وضمّها إليه “.
فكل إنسان كما مريم، مدعو بهذه الطاعة أن يهب كيانه ويبذله للروح القدس كي يقبل المسيح فيه ويلده في العالم. أن نقبل الله فينا يعني أن نمتلىء به.