أصل القدّيس بيمين من مصر. اسمه معناه باليونانيّة راعٍ. انضمّ في سِنّ الخامسة عشرة إلى إخوته الستة الذين كانوا يتنسّكون في بريّة شيهيت. في السنة 407م، هاجم البربر بريّة شيهيت، فانتقل الإخوة إلى صعيد مصر وهناك ذاع صيت القدّيس بسبب موهبة التعليم الّتي اشتهر بها، غير أنّه كان يحجم عن الكلام في حضرة أخيه الأكبر. لمّا علِمت أمّهم بمعتزلهم، طلبت وجهَهم فامتنعوا بإصرار، فذهبت إلى أمام الكنيسة وانتظرت قدوم الأشياخ في الاجتماع الأسبوعيّ. فلمّا رآها أولادها ارتّدوا على أعقابهم للحال، ركضت في إثرهم فألفت الباب موصداً، فأنّت وصاحت، فقال بيمين لأمّه من الداخل: “أتؤثرين أن تبصرينا ههنا أم في الدهر الآتي؟” فأجابت: “ولكن ألست أمّكم؟ ألست من أرضَعكم؟ والآن سبتٌ، أما أستطيع أن أراكم؟” فأردَف: “إذا أمسكتِ نفسك حتّى لا ترينا ههنا فسترينا هناك إلى الأبد”. فانصرفت الأم التقيّة فرِحة وهي تقول: “إذا كنت سأراكم هناك فلستُ أرغب في أن أراكم ههنا”.
كان الأنبا بيمين رقيقاً جدّاً، يهتمّ بأعمال الرّحمة والمحبّة. لم يكن الصمت عند القدّيس بيمين غاية في ذاته. حين كان زائرٌ يرغب في الحديث إليه في الأمور السامية كان يلزم الصمت. ولكن إذا سأله في الأهواء وفي كيفيّة تعافي النفس كان يجيبه بفرح. لازَمَ البريّة سبعين سنة، وعاصر الآباء القدّيسين أرسانيوس ومكاريوس الكبير ومكاريوس الإسكندريّ، ورقد حوالي العام 460م.
من أبرز أقواله:
لم نتعلّم أن نقتل الجسد بل الأهواء. كلّ ما يفوق الحدّ يكون من إبليس.
الصمت من أجل الله جيّد كما الكلام من أجل الله جيّد.
قد تجد إنساناً يظنّ أنّه صامت لكنّه يدين الآخرين بفكره، فمَن كانت هذه شيمته فهو دائم الكلام (…) وآخر يتكلّم من الصبح إلى المساء لكنّ كلامه فيه نفع للنفس، مثل هذا أجاد الصمت.
طروبارية القدّيس بيمين
شهيدك يا رب بجاهده نالَ منك الأكاليل غير البالية يا إلهنا لأنّه أحرز قوّتك فحطّم المغتصبين وسحَق بأس الشياطين الّتي لا قوّة لها فبتوسّلاته أيها المسيح الإله خلّص نفوسنا.