أصل القدّيسة من إينوس في تراقيا. تزوّجت وأنجبت ستّة أولاد. سلكت في التّقوى، لم يحدث لها أن غابت عن أيٍّ من الخدم الكنسيّة، إلّا في حالات المرض. اعتادت أن تمضي أكثر ليلها في الصلاة. رقد أولادهم جميعهم إثر اجتياح وباء الطاعون المكان. وزّعت مقتنياتها على الفقراء. تبنّت الأرامل المحرومات من كلّ سند. تركّز همّها على رضى الله. أمضت بقيّة حياتها في الصوم المتواتر لا تتناول سوى الخبز والماء. كانت الدموع لا تجفّ من عينيها ومزامير داود النبيّ على شفيتها. كان تواضعها عميقًا. اعتنت بتوزيع الحسنات مؤثِرة الحرمان من الضروريّات على أن يغادرها شقيٌّ صفرَ اليدَين. كانت لديها جرّة من الخمر توزّع منها على المحتاجين، ولم تكن الجرّة لتفرغ طالما بقي أمر العطاء سرًّا. ما أن درى أحد بما حصل لها حتّى أخذ الخمر يتناقص. عزَت القدّيسة فراغ الجرّة إلى كونها غير أهلة لأنعام الله. بنتيجة ذلك أسلمت نفسها للأتعاب النسكيّة حتّى جفّ بدنها. بالكاد قادرة على التنفّس. أرضَت الله في أتعاب كهذه أربعة وثلاثين عامًا. رقدت في الربّ بسلام عن ثلاثة وخمسين عامًا بعد أن اقتبلت النذور الرهبانيّة.