اقتبل مرتنيانوس الحياة النسكية في سن الثامنة عشرة في مكان يقال له “محلة القوس” انتشر فيه النسّاك. وعلى مدى خمس وعشرين سنة سلك في الفضيلة بهمّة وجدّ كبيرين حتى قيل ان الرب الإله منّ عليه بموهبة صنع العجائب.
كان مرتنيانوس، وسيم الطلعة ترغب به النساء،و كان يستقبل الناس ويصلّي عليهم فخطر ببال امرأة هوى مغتّرة بنفسها ان تزور القدّيس وتغريه.وصلت إليه وقد جعل المطر ثيابها رثة والمطر يسحّ منها فطلبت منه أن يحميها .قبلها القدّيس لديه وتركها إلى قلاّية داخلية لتستدفىء واستغرق في صلاته وتلاوة مزاميره.فلبست المرأة الغوى فاجتاحته التجربة وتحرّكت لها أحشاؤه حتى قبلها ومال إليها لا سيما للكلام المخدّر الذي سمعه منها. وإذ خطر بباله قفز إلى خارج القلاية ليتأكد من خلو الساحة لديه.اخترقت قلبه رأفة الله بهيئة صورة للهاوية التي هو مزمع ان يلقي بنفسه فيها فانصدم وارتد تائبا. وللحال جمع حطبا وأشعل النار ووطئها حافي القدمين وإذ احترقت قدماه وعظم ألمه وأخذ يعول بدموع سخيّة فبلغ صوته أذني المرأة فخرجت تستطلع أمره فالفته في أسوا حال، فأرهبها المشهد وبانت لها فعلتها في منتهى العبث، وإذ أضطربت أعماقها تابت إلى ربّها وأخذت تتوسّل للقدّيس ان يسامحها ويعينها إن كان لها خلاص. بعث بها إلى دير القدّيسة باولا في بيت لحم حيث سلكت في توبة صدوق أثنتي عشرة سنة إلى ان تكمّلت بالقداسة. اما رجل الله فاحتاج إلى سبعة أشهر ليسترد عافيته ثم غادر مكانه.وهام على وجهه، وبلغ شاطىء البحر ، فأخذه رجل رضي إلى صخرة كبيرة في عرض البحر، يتعذر الوصول إليها،على أن يأتيه كل بضعة اشهر ببعض الماء والطعام والخوص لشغل السلال.فقبع مرتنيانوس على تلك الصخرة عشر سنوات، ثم حلّت ساعة التجربة من جديد، وذلك حين انكسرت سفينة قربه وبقيت صبية رأته فأستغاثت به، فأتى إليها وأعانها حتى أخرجها. وما ان استردت أنفاسها قليلا حتى قال لها أنه لا يستطيع ان يبقى في مكانه معها.أما هي فلتبق إلى ان يأتي صديقه، صاحب المركب، وهو يعينها إلى بلدها. وإذ أسلمها ما لديه من طعام وشراب استودعها الله وألقى بنفسه في المياه كبين يدي الله الحي، فإذا بدلفين ينقله على ظهره إلى الشاطىء أما الفتاة فلكي تؤدي الشكر لله فإنها آثرت قضاء بقية أيام حياتها ناسكة على الصخرة. وقد ورد انها استمرت كذلك سنين إلى أن رقدت بالرب واسمها فوتين وان صاحب المركب وزوجته هما اللذان أخذاها، بعدما رقدت، ووارياها الثرى.
اما مرتنيانوس فشكر الله جزيلا على حسن رعايته وقرّر، مذ ذاك، ان يسوح ولا يقيم في مكان ألا عبورا. وقد ورد انه مرّ بما يزيد على المائة مدينة في غضون سنتين إلى ان وصل إلى آثينا حيث رقد.
ويبدو انه كان لقدّيسنا إكرام جزيل في الشرق، لا سيما في القسطنطينية، في كنيسة بقرب آجيا صوفيا.
الطروبارية
بهطل الدموع المنسكبة أطفأت لهيب التجارب أيّها المغبوط مرتنيانوس ولما سكنّت أمواج البحر وألجمت جماح الوحوش هتفت صارخاً ممجّد أنت أيّها الكليّ الأقتدار يا من نجيتني من النار والعاصف.