ولد القدّيس أبيفانوس في قرية قريبة من بيت جبرين الفلسطينية، وهو من عائلة يهودية متواضعة. شغف، منذ حداثته، بالعلم حتى درس على معلمه، المدعو تريفون، الكتاب المقدّس والمؤسسات اليهودية واقتنى معرفة اللغات اللاتينية والسريانية والقبطية بالإضافة إلى اليونانية و العبرية. فلما توفّي تريفون ورث أبيفانوس ثروته.
وحدث ذات يوم ،أن رأى راهبا مسيحيا يخلع رداءه ليعطيه للفقير، وللحال انحدر من السماء رداء ناصع البياض وغلّفه. وجاءت هذه الآية لتثبت إعجاب ابيفانوس بالمسيحيّين. فلقد سبق له أن نجا في حداثته من حادث خطير، بفضل أحد الرهبان. على الإثر ارتمى أبيفانوس عند قدمي الراهب لقيانوس وتوسّل إليه أن يعمدّه ويقبله في السيرة الرهبانية الملائكية. فاعتمد هو واخته بيد أسقف المدينة ثم وزّع مقتنياته على المحتاجين وصار تلميذا للقدّيس هيلاريون الغزّاوي . مذ ذاك وإلى آخر حياته، أخضع نفسه لنظام نسكي صارم.
اقتبال رجل الله ليسوع ربا وإلها سلّط الضوء لديه على الكثير من غوامض العهد القديم، فانكبّ عل الدرس بغيرة اوفر،ذهب إلى مصر ليتعلم طريقة حياة رهبانها. لكن صدمته بعض الهرطقات والشيع المنتشرة هناك، فاطلع على مقولات الأوريجنية والمانوية وسواهما فانكبّ على جمع المعلومات بشأنهما وبشأن هرطقات أخرى تحرّاها فشكلت استقصاءاته مادة لمؤلف وضعه في آخر أيامه ضدّ الهرطقات بعامة كان فذا.
عاد قدّيسنا إلى فلسطين، فأسّس ديرا في جوار بيت جبرين، ساسه بكل حكمة على مدى ثلاثين سنة، وكانت له بصيرة حسنة. وقد خلص الناحية من أسد كان يفترس الناس. وكان يتعاطى الإحسان على نطاق واسع، غير ان التماعه في فلك الكنيسة ككوكب بهي، كان لموهبة التعليم عنده وكذلك لتفسيره الكتابي. واخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن الإيمان القويم ورصد الهرطقات وفضحها وبيان فسادها والطعن بها.
غادر أبيفانوس ديره، اجتنابا لكرامات الناس فأتى إلى قبرص حيث التقى، اباه ومعلمه القدّيس هيلاريون، وعبق هذا اللقاء بالفرح الكبير.وقبل أن يصير أسقفا على “سلامينا” القبرصية، ودامت خدمته ستة وثلاثين عاما. وقد قيل إن إدارته لأبرشيته كانت مثالا يحتذى لا سيما في مجال تأكيد أستقامة الرأي.ويحكى أنه حين كان يقيم الذبيحة الإلهية كان يبصر الروح القدس ينزل على الخبز والخمر ليقدسهما.وصراعه ضد التيار الأوريجني جعله في صدام مع بطريرك أورشليم يوحنا حيث يبدو ان تعليم أوريجنس تفشّى بين رهبان فلسطين، وغيرة القدّيس وبساطته حملتاه على تبني مواقف حادة واحيانا متطرّفة.وحده تواضعه كان يخرجه من ورطته. وعاد إلى بلاده قبيل انعقاد مجمع السنديانة الذي أدان الذهبي الفم. وفي الطريق رقد.
طروبارية (للقيامة)
لتفرح السماويات ولتبتهج الأرضيات لأن الرّبّ صنع عزاً بساعده ووطىء الموت بالموت وصار بكر الأموات وأنقذنا من جوف الجحيم ومنح العالم الرحمة العظمى