القديس أنطونيوس الكبير يعتبر أب كل الرهبان. كان اول مسيحي يعيش حياة مقدسة منعزلة في مكان مقفر. عاش مدة طويلة في قداسة وطهارة كناسك في الصحراء وكان له تأثير قوي على عدد غير محدود من الناس سواء المعاصرين له أو في الاجيال التالية حتى يومنا هذا. كما كان لها تأثير كبير على تاريخ المسيحية الاولى. سيرة حياته كتبها القديس أثناسيوس الذي كان تلميذه.
ولد في قرية صغيرة في صعيد مصر تدعى كوما قرابة العام 250 م.كان أهله من أعيان البلد، مسيحيّين فنشأ على التقوى. ولما بلغ الثامنة عشر من العمر مات ابواه وتركاه مسئولا عن اخته الوحيدة ديوس وهي كانت اصغر منه سنا. وبعد ذلك بحوالي ستة اشهر دخل الكنيسة وسمع الانجيل وكان السيد المسيح يكلم الشاب الغني (ان اردت ان تكون كاملاً اذهب بع كل مالك واعطي الفقراء وتعالى اتبعني) متى 19: 21 فأعتبر هذه الوصية دعوة شخصية له من الله. فذهب وباع حوالي 300 فدان من الاراضي الخصبة ووزع معظم الاموال على الفقراء واحتفظ بجزء ضئيل منها لاخته. ثم اودع اخته تحت مسؤلية جماعة من العذارى. واصبح بذلك حرا لتكريس حياته للسير حسب ارشاد رجل قديس يعيش بالقرب من بلدته الكومه. وبعد فترة ذهب متوحدا في الصحراء الغربية. واتخذ لنفسه مسكنا قبر مهجور في كهف في جانب جبل. كان عمره حوالي خمسة و ثلاثون عاما عندما ترك مكانه الى الضفة الشرقية للنيل الى الجبال الخارجية في بسبير وفي هذا المكان عاش في وحدة تامه. وبعد عشرين سنة ذاع صيته وجذب عدد كبير من حديثي الوحدة وسكنوا بجواره متمنيين ان يسلكوا حياه مقدسه مثله. واصبح المعلم الروحي لهم وبعد خمس سنوات اتجه للوحدة في جبل داخلي هو جبل القلزم. عاش حياة الوحدة وكان يحارب بالملل والضجر و تثبيط العزيمة. وعندما كانت روحه تمتليء بالضجر و التشكيك كان يصلي قائلاً “يا الله انا اريد ان انجو ولكن هذه الافكار الشريرة لا تتركني. فماذا افعل؟ ” وبعد مدة قصيرة بدء يمشي في الصحراء فنظر انسان شبيه له يجلس ويعمل، كان يصنع حصيرة من افرع النخيل ثم بعد ذلك يقف ويصلي. كان هذا ملاك مرسل من الله ليعلم القديس كيف يعيش في الصحراء. وكرر الملاك ماعمله في السابق عدة مرات حتى فهم القديس ان عليه ان يدمج العمل اليدوي مع الصلاة حتى لايشعر بالملل والضجر. حياة الوحدة جعلت منه أب روحي يسبق جميع الآباء.
لم يبن أديرة. ولكن تعاليمه تتألف من صلاة بسيطة وعمل يدوي. وهو علم تلاميذه انه مثل السيد المسيح كان نجارا وبولس كان صانع خيام فعليهم ان يجعلوا ايديهم تعمل بعمل يدوي لكي يهربوا من اغواء الشياطين. وكذلك حدد ملابس موحده للرهبان. وكانت تكسو الى تحت الرقبة مصنوعة من الكتان الابيض. وحزام عريض وسميك من الجلد ليساعد الراهب ليظل منتصب. من كل مكان حول العالم جاء الناس اليه وحتى في اعمق جزء في الصحراء باحثين عن شفاء لاجسادهم وعقولهم وارواحهم. رقد القديس انطونيوس عام 356 عن عمر مائه وخمس أعوام ولكن مكان قبره عرف تقريبا بواسطة اثنان من الرهبان هم مرقريوس و اماتاس الذين دفناه.
الطروبارية
لقد ماثلت ايليا الغيور في أحواله وتبعت المعمدان في مناهجه القويمة فحصلت في البرية ساكناً وللمسكونة بصلواتك مشدّداً أيّها الأب انطونيوس فتشفع إلى المسيح الإله في خلاص نفوسنا.