تذكار القدّيس أبينا البار سمعان العمودي الكبير (+461م)

mjoa Friday September 1, 2023 377

symeon

وُلد القديس سمعان عام 389 في سيسان وهي بلدة على الحدود القائمة بين سوريا الحاليّة وكيليكية (تركيا) حيث نشأ في بيت رعاة غنم. وإذ تكثر كثافة الثلج وتُضطرّ الغنم أن تبقى داخلاً، كان يغتنم الفتى الفرصة ليذهب مع أهله إلى الكنيسة. سمِع الكاهن يتلو التطويبات من الإنجيل فحرّكت هذه الكلمات قلبَه. لم يكن سمعان قد بلَغ الخامسة عشرة من عمره ولكنّه ذكَر كيف أسرع إلى الكنيسة وتوسّل بحرارة إلى الربّ أن يرشده إلى طريق التّقوى الكاملة. بقيَ في هذه الحالة وقتاً طويلاً فأخذَه النعاس إلى أن غفا. وفي غفوتِه عاين الرؤيا التالية: بدا له كأنّه يحفر أساسات لبناء وإذا بصوت يقول له: “هذا ليس كافياً عمّق الحفرة أكثر…”، فاستمرَّ. وعاد إليه الصوت أربع مرّات بنفس الكلمات إلى أن قال له أخيراً: كفاك الآن، هيّا باشر بالبناء وسيكون الأمر سهلاً. وأدرك سمعان أنّها دعوة له من عند الرّب ليجاهد في حياة القداسة فقام من هناك وذهب إلى منسك بعض الرّهبان المقيمين في بلدة تلّ أدانة القريبة من سيسان.
انضمّ إلى جماعة من النسّاك قرب سيسان وبقيَ معهم مدّة سنتَين، انتقل من بعدها إلى منسك آخر يرأسه إيليوذوروس العجيب حيث تتلمَذ على يدِه في أصول الحياة النسكيّة. أمضى القدّيس سمعان في هذا الدير عشر سنوات قضاها في الصلاة والتقشّف. في العام 412م، لجَأ سمعان إلى دير تلانيسوس (قرية دير سمعان حاليّاً) فعاشَ في هذه البلدة مدّة ثلاث سنوات حيث واصل سمعان جهادَه، فكان يصوم أيّام عدّة يبقى فيها واقفاً مسبّحاً الله. اعتزل بعدها في الجبل المعروف اليوم باسمه شمالي سيسان. وذاع صيتُ البارّ سمعان بسرعة فأخذ الكلّ يُقبِلون إليه منهم المرضى لينعموا بالشفاء ومنهم العواقر ليرزقهنّ الله أولاداً وغيرهم ليمدّهم بالنصح والإرشاد لحلّ مشاكلهم المستعصية.
أوصى في البداية أن يرتفع العمود إلى ستّة أذرع ثمّ إلى اثنين وعشرين ذراعاً حسب رأي ثيودوريتس وبارتفاع ذراعَين بحسب النص السرياني للسيرة . وأخذ العمود يزداد ارتفاعاً حتّى وصل ارتفاعه إلى 40 ذراعاً بحسب النصّ السرياني و36 ذراعاً بحسب قول الأسقف ثيوذوريتس. أمضى القدّيس سمعان على هذا العمود اثنين وأربعين عاماً حسب رأي ثيودوريتس وسبعة وثلاثين عاماً حسب النصّ السرياني للسيرة. انتابت سمعان حمّى لازمته أربعة أيّام. ثمّ نهار الأربعاء 2 أيلول عام 459م حوالي الساعة التاسعة وبعد أن منح سمعان بركته للجموع رفع عينيه ثلاث مرات نحو السماء ثمّ أسند رأسه إلى كتف تلميذَيه أنطونيوس وسرجيوس اللّذان صعدا إليه حتى رأس العمود وأسلم الروح.
تاريخ بناء كنيسة القديس سمعان
كانت أواصر الصداقة والمودّة تربط بقوّة بين الإمبراطور زينون والعمودي دانيال، وهذه العلاقة دفعت بالإمبراطور إلى تشييد كنيسة على شرف قدّيس فاحَ شذى فضائله حتّى شمل كلّ الإمبراطوريّة، لذلك يمكن أن ننسب لزينون بداية العمل في بناء كنيسة القدّيس سمعان في العام 476م. ويرى الباحث الأثريّ تشالنكو أنّ كنيسة سمعان قد انتهى بناؤها في العام 490م.
كنيسة القديس سمعان العمودي
تعتبر كنيسة القديس سمعان جوهرة كنائس “المدن المنسيّة” ومن أجمل روائع الفنّ المسيحي ومن أعظم وأضخم الكنائس التي بُنيت في العالم، فأضحت دُرّة فريدة لا تضاهيها كنيسة أخرى بعظمتها وضخامتها. أقيمت الكنيسة حول العمود، وكانت على شكل صليب مؤلف من أربعة أجنحة متعامدة فيما بينها عدا الجناح الشرقيّ الذي كان يميل مع الحنية ستّ درجات أي 2.43م منحرفاً نحو الشمال. ارتبطت الأجنحة مع بعضها حول العمود بواسطة مثمّن قطره 28م كانت تعلوه قبّة خشبية عظيمة وكان يغطّي كلّ جناح سقف خشبيّ مائل يستند على الجدران بجملونات مثلثيّة وربما أُخذت فكرة الصليب من المدافن ذات الدهاليز الأربعة. كان كلّ جناح بحدّ ذاته عبارة عن كنيسة ذات بهو رئيسيّ وبهوَين جانبيَّين يفصل بينهما صفّان من الأعمدة والأقواس البديعة العالية مشابهاً بذلك نمط الكنائس البازيليك المعروفة من القرن الخامس في المنطقة. بنيت الحنية في الجناح الشرقي حيث أقيم الهيكل فيها، كما أُقيمت في شماله غرفة الخدمة (الدياكونيكون) وغرفة الشهادة (المرتيريون) في الجنوب وهما على شكل نصف دائرة. وممّا يذكر أنّ هاتين الغرفتين تكونان في جميع الكنائس على شكل مربّع أو مستطيل. وأقيم في الجنوب الشرقي من حنية الكنسية الرئيسة كنيسة صغيرة للرهبان لتأدية الفروض والصلوات اليوميّة كما أقيم في جنوبها دير للرّهبان بطبقتين.

طروبارية البار سمعان العمودي

صرتَ للصبرِ عمودًا، وللآباء القدماء ضارعت مباريًا، لأيّوب بالآلام وليوسفَ بالتجارب، ولسيرة العادمي الأجساد وأنتَ بالجسد، فيا أبانا البار سمعان العموديّ توسّل إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسَنا.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share