بصرما، الكورة: صلاة مشتركة في أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس

mjoa Monday January 23, 2012 133

اقيم في دير سيدة النجاة للرهبانية المارونية في بصرما – الكورة لقاء صلاة مشتركة بين الطائفتين الارثوذكسية والمارونية، بمناسبة اسبوع الصلاة من اجل وحدة الكنائس، شارك فيها متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران افرام كرياكوس، رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج ابو جودة، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي طنوس نعمة، لفيف من الاساقفة، الكهنة، الشمامسة وحشد من المؤمنين.

استهلت الصلاة بكلمة ترحيب من أمين السر العام للرهبانية المارونية الاب العام كلود ندرة.

كرياكوس

وبعد الانجيل المقدس القى المطران كرياكوس عظة اكد فيها “ان ما يبدو صعبا في الواقع البشري تزلله الصلاة الجماعية الصادرة من القلب، اذ الشعب يطلب الوحدة بين الكنائس المسيحية، والواقع يحجبها دائما بما فيه من انظمة وتقاليد ورئاسات. ويبدو ان الانسان المسيحي اليوم مشدود اكثر الى الارض منها الى السماء”.

وسأل: “اين هو ذاك الروح الالهي الذي هب يوما ما ريحا عاصفة، نزلت عنصرة، جعلت البشر اناسا جددا؟المادة اليوم تطغى على الروح، والجسديات على الروحانيات، وكأن المسيح لم يعد يجذب الانسان المسيحي، ولو اعتمد على اسم الثالوث. اما الذي يتحد بالمسيح ويحيا بوصاياه يقترب من اخوته المسيحيين مهما كانت طائفتهم، بل انه يقترب من كل انسان آخر في هذا العالم، وهذا ما قاله احد القديسين عندما صور المسيحي الحقيقي يسير على شعاع متجها نحو مركزالدائرة مقتربا من اخيه المسيحي الذي يسير على شعاع آخر ومتجها نحو المركز نفسه الذي هو المسيح”.

وشدد على “ان كل من يسير نحو المسيح في حياته يتشبه بافراغ المسيح لذاته، افراغه من المواقف المتصلبة حتى يقترب من الاخرين، ويفهم وجهة نظرهم، والقضية هنا ليست شكلية بل وجودية. فليمتحن كل منا نفسه ويتيقن ان كان صادقا في سلوكه في الكنيسة وفي العالم”.

وختم كرياكوس: “ان دعوة الرب يسوع الاولى هي بعد قائمة اليوم توبوا فقد اقترب ملكوت السموات، ونحن نطلب في صلواتنا الحارة وفي كل يوم ليأتي ملكوت السموات فنحيا نحن المسيحيين واحدا حتى ولو اختلفت طقوسنا وممتلكاتنا ورؤساؤنا”.

ابو جودة

كما، كانت للمطران ابو جودة عظة قال فيها: “كم هو جميل أن نلتقي معا اليوم أساقفة وكهنة ورهبانا كي نصلي معا في هذا الأسبوع المخصص للصلاة من أجل وحدة المسيحيين وكي نتغير بغلبة ربنا يسوع المسيح، بحسب الموضوع الذي إختاره الذين حضروا موضوع الصلاة لهذه السنة. وكم هو جميل أن تلتقي الأعضاء ليعبروا عمليا عن إنتمائهم إلى جسد واحد لكل واحد منهم مركزه ودوره الذي لا يمكنه ولا يحق له التخلي عنه كي لا يعرض الجسد إلى التشويه”.

ولفت الى “إن أجمل صورة أعطيت عن ترابط الأعضاء ببعضها البعض هي ما قاله بولس الرسول في الفصل الثاني عشر من رسالته الأولى إلى أهل قورنثيه والذي أود أن نتذكره جميعا اليوم في لقاء الصلاة هذا كي نستطيع أن نحقق صلاة السيد المسيح الكهنوتية: يا أبت القدوس، إحفظهم بإسمك الذي وهبته لي، ليكونوا واحدا كما نحن واحد، أنا لا أدعو لهم وحدهم بل أدعو أيضا للذين يؤمنون بي عن كلامهم. فليكونوا بأجمعهم واحدا كما أنت في يا أبت وأنا فيك، فليكونوا هم أيضا فينا، ليؤمن العالم بأنك أنت أرسلتني. يقول بولس الرسول: كما أن الجسد واحد وله أعضاء كثيرة وأن أعضاء الجسد كلها على كثرتها ليست إلا جسدا واحدا، فكذلك المسيح، إن قبلنا المعمودية جميعا في روح واحد لنكون جسدا واحدا”.

وأكد “ان كنيسة المسيح هي هذا الجسد ونحن جميعا فيه أعضاء، ولا يستطيع أحد منا الإستغناء عن الآخر أو رفض الآخر، وإلا شوهنا هذا الجسد وعرضناه للموت. فكنيسة المسيح مكونة من مجموعات وأعضاء مختلفة، قد نتوقف عند التفكير والتأمل بوضعها عند الناحية السلبية، وقد نتوقف عند الناحية الإيجابية. فسلبيا، إذا قال أحدنا أن الآخر ليس صورة ونسخة طبق الأصل عني وإذا كانت نظرته للأمور مختلفة عن نظرتي فما هو من الجسد، نكون من المساهمين في تشويه الجسد وموته. أما إذا قلنا إيجابيا أن الآخر مكمل لي وأنا مكمل له فإننا كلانا نسهم في بناء هذا الجسد حتى يبلغ هذا الجسد ملأه وكماله”.

وشدد على “أن الكنيسة هي في الحقيقة جسد واحد، لكن رفض بعض أعضائها لبعضهم الآخر قد أوصلها إلى هذا التشرذم وهذا الإنقسام. إنها الأنانية البشرية والتصلب في المواقف والإدعاء من قبل كل واحد منا أنه على حق وأن الآخر على خطأ. لكن الجوهر بقي هو ذاته، بقيت الكنيسة وسوف تبقى، جسد المسيح، ونبقى نحن فيها أعضاء، قد نكون مرضى ونحن بحاجة إلى معالجة كي لا نصبح أغصانا مقطوعة عن الجذع، فنلقى في الخارج ونحترق، لكن الجذع يبقى هو الجذع، تنبت عليه أغصان جديدة، هي التي تعطي الثمار”.

واشار الى “إن التغير في المواقف الذي بدأ يحصل منذ حوالى المئة عام في علاقات المسيحيين ببعضهم البعض سيوصلنا حتما، ولو طال الزمن قليلا، للعودة إلى تكوين هذا الجسد وتوحيده من جديد. يكفينا أن نرى التغيرات التي حصلت في علاقاتنا مع بعضنا البعض إذ لم يعد الواحد منا ينظر إلى الآخر ويعتبره كعدو له. بل صار ينظر إليه كأخ متميز عنه في أمور كثيرة لربما، لكنه هو وإياه أبناء عائلة واحدة، من فئة الدم ذاتها، وكلاهما يكونان صورة متكاملة قد تتشوه إذا ما نقص فيها عنصر واحد ولو كان صغيرا”.

واضاف: “كلنا نحن المجتمعين اليوم، بحاجة إلى وقفة تأمل شخصية وصلاة، نحن بحاجة إلى تغير جذري في موقفنا وفي نظرتنا إلى بعضنا البعض. وهذا هو الموضوع الذي إختارته اللجنة التحضيرية لهذه السنة: كلنا سنتغير بغلبة ربنا يسوع المسيح. وهذه الغلبة، وهذا الإنتصار، كما يقول الحبر الأعظم البابا بندكتوس السادس عشر لا تمر ولا تبنى على القوة والسلطة بل على المحبة وعلى التعاون والتعاضد والخدمة. وإننا سننتصر حتما عندما نقبل أن نقوم بفعل توبة وتغير جذري في حياتنا وعندما نقبل أن يغيرنا الله كي نعود إليه”.

وتمنى “أن يكون لقاؤنا اليوم بداية لعهد جديد من التعاون في ما بيننا، وهذا ما تحدثنا عنه مرات كثيرة مع صاحب السيادة لأن التحديات التي تواجهنا كمؤمنين وكمسيحيين عديدة ومتنوعة ليس فقط على الصعيد المحلي وعلى الصعيد الطائفي بسبب قلة عددنا وتزايد عدد إخوتنا أبناء الطوائف الأخرى، بل بخاصة بسبب تيار العلمنة المفرطة الذي ينتشر بسرعة في عالمنا ومجتمعنا المعاصر الذي صار يضع الله جانبا ويتصرف وكأنه غير موجود. وإذا كان موجودا فليبق حيث هو ويتركنا نبني ذاتنا بذاتنا دون أن يتدخل في شؤوننا، وهذا ما قاله أحد المفكرين المعاصرين، مشوها الصلاة الربية:أبانا الذي في السماوات، إبق حيث أنت. أما التحدي الثاني الذي علينا مجابهته معا فهو الإنفلات الأخلاقي عند شبيبتنا الذي بدأ يطرق أبوابنا بفعل التأثيرات الخارجية وبفعل التأثير السلبي لوسائل الإعلام الإجتماعية كالتلفزيون والإنترنت وغيرها إذ أننا غالبا ما نقف عاجزين عن التأثير على أولادنا وتوجيههم كي يستعملوا هذه الوسائل بصورة صحيحة ومفيدة. يبقى التحدي الثالث وهو الفتور وعدم المبالاة وضعف الممارسة الدينية عند الشباب”.

وختم داعيا الى “أن يكون لقاؤنا اليوم مناسبة للتأمل والصلاة والطلب من الرب أن ينير دربنا لنعمل جميعا على تخطي كل الحساسيات التي تراكمت علينا طوال سنوات طويلة ومناسبة لعمل مشترك من أجل نشر كلمة المسيح والمساهمة في التبشير والكرازة الجديدة لأبناء جيلنا”.

وكانت مائدة محبة تشارك فيها الجميع.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share