يُؤْخَذُ الإنسانُ بكلّيَّته بالجمال. يضطرِبُ ويتغيَّرُ حالُه فوق كلِّ لغةٍ ودِين. من كلِّ ذلك يأتي السَّلام بشكلٍ عجيب. هذا حاصلٌ ولكن ليس بأيِّ جمالٍ كان. هناك جمالٌ يمتصُّ الآخَر، يأسِرُه رَدِيًّا. الشَّهادة للسَّلام الحقيقيّ، سلام النَّفس وسلام الشعوب، تنتمي إلى شكلٍ آخَر للجمال “جمالٌ يخلُقٌ كلَّ تواصُلٍ ومودَّة”، كما يقول القدّيس ديونيسيوس الأريوباجي.
مثل هذا الجمال يُدخِلُنا إلى انسيابٍ مجَّانِيٍّ داعٍ إلى اليَقَظَة. يجعلُنا إخوة بامتياز، لأنَّ اليقِظِين وحدهم يَرَوْنَ “العالم واحدًا”.
لكن، هذا الجمال يفترِضُ تواصُلاً في الوجوه. هذا ما ينقُصُ، في كثير من الأحيان، في عالمنا الحاضر، إذ تَكْثُرُ فيه آليَّاتٌ تُعِيقُ التواجُه.
آباءُ البرِّيَّة يُشَبِّهُونَ الجحيمَ بحشدِ أناسٍ يُديرِ كلُّ واحدٍ منهم ظهرَه للآخَر، دون أن يرى الواحدُ وجهَ الآخَر. عندما يتواجَدُ العنفُ والخوفُ يُحْجَبُ الوجهُ البشرِيُّ. لذا، تبقى الأيقونة الهادئةُ صورةً صادِقَةً عن الشَّخصِ الفريد من نوعه.
الأيقونة، الوجهُ، جمالُ المسيحيّة الشرقيَّة، جمال الشَّخص، وجهٌ ينفتح على الأبديّة. ومع الأيقونة تأتي * * * التي تعني موسيقى الحنجرة، الشُّموع وعطرُ البخور. الكنيسةُ، موقعُ الجمال، حيث نصلّي، “الفيلوكاليا” Philocalie))
يصوّر أندريه روبلاڤ André Roublev أيقونةَ ثالوثِ الاتّحاد الإلهيّ، فُتوَّةً وجمالاً، “مجد الله المخفيّ في الكائنات والأشياء” كما يقول القدّيس إسحق السرياني.
عندها، يأخذُ الجمال اسمَا إلهيًّا، وحدةً كونيَّةً حقيقيَّةً لا تُلغي التَّنوُّعَ بل تغذِّيه. أليس ذلك مفتاح السلام؟
الجمالُ والصَّلاحُ معًا. عندها نستطيع أن نقول مع دوستويفسكي: “الجمالُ سوف يخلِّصُ العالم.
نشرة الكرمة تصدرها أبرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس