رصدت اليوم تقارير صحافية الطريقة التي تحولت من خلالها إحدى الكنائس القديمة في شمال غرب تركيا إلى مسجد، رغم استمرار قدوم السياح إلى هناك من أجل زيارة المكان باعتباره معلماً مسيحياً بارزاً.
فبينما يتوافد المسلمون على المكان من أجل تأدية فريضة الصلاة، يتواجد هناك مشرف يدعى نور الدين بولوت، وهو موظف بوزارة الثقافة التركية، من أجل إرشادهم وإخبارهم بماضي المكان الكنسي.
ونشرت في هذا الصدد اليوم صحيفة الـ”نيويورك تايمز” الأميركية إن بولوت كان يرافق السياح قبل 3 أشهر فقط في ذلك المسجد الذي يعرف بمسجد “أيا صوفيا” (والذي كان يطلق عليه وقتها متحف) – وكانت تبلغ قيمة تذكرة الدخول 3 ليرات، أو ما يعادل 1.70 دولار، للفرد الواحد، وكان يفرض حظر صارم على الصلاة بالداخل.
لكن في تشرين الأول الماضي، صدر قرار بإغلاق المتحف أمام الجمهور على مدى عدة أيام، لخضوعه لعلميات إنشائية من جانب المديرية العامة للمؤسسات، التي تتبع مكتب رئيس الوزراء في أنقرة، وتدير المباني التاريخية في البلاد.
وحين أعيد افتتاحه في مطلع تشرين الثاني الماضي، تم وضع منصة خشبية في صحن الكنيسة وتمت تغطيتها بسجاجيد، وثُبِّتت لوحات خضراء وذهبية عليها سور قرآنية في المحراب العثماني أو محراب الصلاة.
وتم استبدال لافتة المتحف بلافتة أخرى جديدة مكتوب عليها “مسجد آيا صوفيا”، وتم رفع مكبرات الصوت في المئذنة التي تعود هيئتها للمآذن التي كانت تشيد في حقبة العصر العثماني.
إلا ان هذه الخطوة لم تحظى بالترحيب المتوقع من جانب السكان، ولم يحدث إقبال كبير على المكان من أجل الصلاة.
ولفتت الصحيفة في نفس السياق إلى حالة المرارة التي عبّر عنها سكان محليون نتيجة لتحويل هذا المَعلَم، الذي يوجد في مفترق الطرق الرئيسية في وسط مدينة إزنيق التاريخية.
ونقلت عن أمين أكار، مزارع محلي، قوله “هذه خطوة غير ضرورية تماماً، فنحن لدينا العديد من المساجد هنا، وما نحن بحاجة إليه بالفعل هو السياح، لكنهم لن يأتوا إلى هنا بعد حدوث ذلك”.
وأوضحت الصحيفة أن تلك المدينة التي تعتمد في مدخولها إلى حد كبير على بساتين الزيتون المحيطة، بدأت ترتكز أيضاً على مكانتها البارزة في تاريخ المسيحية لجذب السياحة الإيمانية من الغرب الى تلك المدينة التي كانت تعرف من قبل بـ “نيقيا”، صاحبة العلاقة الوطيدة بالديانة المسيحية.
ومن الجدير ذكره أن غزاة إزنيق العثمانيين حولوا المكان إلى مسجد في القرن الرابع عشر، لكن لم يتم الاهتمام به وتحول إلى مكان مهجور قبل فترة طويلة من تأسيس الجمهورية التركية عام 1923.
وبعد أن تم استرداده من جانب السلطات المحلية ومديرية المؤسسات عام 2007، تحول “آيا صوفيا” على مدار السنوات القليلة الماضية إلى المحور الرئيسي للسياحة المسيحية بالنسبة لإزنيق، وأظهرت بيانات خاصة بالغرفة التجارية للمدينة أن 40 ألف سائحاً أجنبياً زاروها العام الماضي.
ونقلت “النيويورك تايمز” عن بائعة مجوهرات يدوية تدعى الكنور غونيس، قولها “كان يتوافد السياح على متحف آيا صوفيا، لكنهم لن يأتوا بعد ذلك، ومن وجهة نظري، أرى أنه لابد من الاحتفاظ بالمواقع والأماكن التاريخية في صورة متاحف”.
بينما أكد سائح ألماني يدعى كلاوس ستول من شتوتغارت أنه “غير مهتم بمسألة تحويل المتحف إلى مسجد، طالما أن المبنى مازال موجوداً”.
إلا ان السياح الأتراك بدوا أكثر تشككاً، وقال احدهم، غوكتورك توتونسو “هذا ليس بمكان جيد ليتم تحويله لمسجد”.
كما اعتبرت نيلغون تونا، زائرة قادمة من اسطنبول :”كان يجب الإبقاء على المكان كمتحف، فينبغي علينا حماية تراثنا التاريخي، بما في ذلك التراث المسيحي”.
موقع إيلاف