هـذا الـفـصل الإنجـيـلـي يحتـوي على حـوار مـن أجمـل حـوارات السيـد. الحادثـة السابقـة للمقطع الذي نـقـرأه ان السيد لما كان لا يـزال في اليـهـوديـة، وهي المـقـاطـعـة المحيطة بأورشليم، أحس بكيد الفـريسييـن وتـآمرهم عليه، فـقرر ان يذهب الى الجليـل، وهي بـلاده، وكان لا بـد لـه ان يمـر بالمـنـطـقـة الوسط وهي السامـرة. فـوصل الى مديـنـة سـوخـار وكـانـت قـريبـة جدا من نابلس، التي كـانت في ذلك الـزمـن ولا تـزال الى يـومنا. في هذه الضيعـة كـانت عيـن يعـقـوب او بئر يعـقـوب، وهذه البئـر قائمـة حتى اليـوم وعنـدها كنيسـة ارثـوذكسيــة.
نحو السـاعـة السادسة اي عند الظهـر جاءت امرأة سامـريـة. في بلادنـا في طفـولـتـي كـانـوا يتبـعـون هذا التـوقيـت ويسمـونـه السـاعـة العـربيـة. المـرأة حـاملـة جـرة خـزفيـة والبئر عمقها 32 مترًا وكان بإمكانها ان تـرفع المـاء، ولم يكـن ليسـوع دلو ليرفع الماء. طلب منها الرب ان تسـقـيه فرفضت لكـونـه يـهـوديـا والسامـريـون فـرقـة انشقـت عـن اليهـود لاختـلاف في العـقـيـدة ولاخـتـلاف عنـصري اذ كـانـوا قد اختـلطوا بشعـوب أجنبية. لما رفضت ان تعطيه ماء ليشـرب قـال لـهـا: »لـو عــرفـت عـطيـة اللـه ومن الـذي قـال لك اعطينـي لأشرب لطلبـت أنت منـه فأعطـاك ماء حيـًّا«. قـالـت لـه: من أين لـك المـاء الحـي؟ قال لهـا عـنـد ذاك: »كل مـن يشـرب من هذا المـاء يعطـش أيضًا وأما مـن يشـرب من الماء الذي انا أعطيـه فلن يعطـش الى الأبـد«. أي ماء قصـد؟ لم تـفـهـم شيئـًا من كل هذا.
أراد السيـد ان يـوقظها روحيـا وطلب منها ان تدعـو رجلها (في التـرجمـة الاميـركية زوجها). ترجمتنا نحن أفضل اذ لم يكـن لها زوج وساكنـت في الماضي خمسـة رجـال وهي الآن تسـاكــن رجـلا. رأت ان يسوع يعـرف وضعـهـا فـقـالت: »يا سيّد أرى انك نبي« وطـرحـت عليـه سـؤالا لاهـوتيـا: »آبـاؤنـا سجـدوا في هذا الجبل (المُسَمّى جريزيم) وأنتم تقـولـون ان السجـود هو في هيكل اورشليم«. عند ذاك قـال لهـا مـا معنـاه انـه ليس هنا ولا في اورشليم يكـون السجـود لـله. الله لا يهمّـه مكـان. »الله انمـا يُسجَـد لـه بالـروح والحـق« اي في الـقـلـب، في عمـق الكـيان البشري. في الحـق تعنـي الله نفسه اي السجود المباشر الذي لا يحتاج الى تلـة صهيون حيث كان الهيكـل ولا الى جبلكـم حيـث كـان فـي القـديم هيكل السامريين. وكان قد دُمـّر قبل مجيء المسيـح الى العـالـم.
هذا الحوار أهم ما ورد في إنجيل اليوم. والمرأة تركت جرتها، وهي لأجل استقاء الماء جاءت، وأخذت تبشّر قومها بالمسيح وهيأتـهم لبشارة الرسل التي يذكرها سفر أعمال الرسل. وسمّتها الكنيسة القديسـة فـوتينـي، وفي التسميـة العربيـة في أوساطنا هي فـوتين اي المستنيـرة.
أعطنا يا رب ان نهتدي من كل قلبنا كما اهتدت المرأة السامرية.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
رَعيّـتي تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس