إلى الروح التي التهبت بالحب الالهي وكرست ذاتها بالكلية لتمجيد الرب… فعاشت الصلاة والصوم وما قرأته في الكتاب المقدس والكتب الروحية … وعشقت العقيدة القويمة وترجمتها في حياتها عطاء وخدمة … حافظت على الأرثوذكسية منذ نشأتها وشهدت لها بكل مراحل حياتها معرفة وقولاً وفعلاً …
إلى الروح التي تحملت أعباء المسؤولية الكنسية في وقت كان المسؤول فيها غائباً غياباً كاملاً .. فصارت مرجعاً للشبيبة تمنحهم الرعاية والتوجيه الروحي مقروناً بالعطف والحنان… كانت مربية للأجيال الصاعدة وخادمة لهم وقائدة أياهم إلى شاطئ الأمان …
إلى روح المربية ذكية حداد … رسولة عصرها ومبشرة بالكلمة المحيية وصامدة أيام التجارب والمحن وساعية إلى ديموم النهضة الأرثوذكسية التي بدأت في مطلع الأربعينيات … رحمها الله
منذ وعينا تعرفنا على شخصية ستبقى في ذاكرتنا ولن تمحى الأخت ذكية حداد معلمتنا ومربيتنا وموجهتنا …هذه الشخصية التي عكست إيمانها العميق والصادق بالوداعة التي اتصفت بها مقرونة بالهدوء والحكمة مع الصبر والثبات … فتحملت أعباء المسؤولية أمام الله والضمير والمجتمع واستطاعت بتواضعها أن تجمع بين العلم والإيمان فجسدت كل ما وصلت إليه من تحصيل علمي في زمن قلّ فيه الساعون إلى العلم والتحصيل جسدته في عطاء كامل للكنيسة فكانت مرجعاً لنا في خدمة وتعليم من أوصى بهم الرب يسوع لقد سخّرت كل هذا التحصيل العلمي التربوي مستخدمة وسائل العصر لتفهيم أطفالنا قضية الإيمان فنسّقتها وكتبتها وطبعتها لتكون مرجعاً لأبناء أنطاكية في الخدمة والعطاء والبشارة..
ذكية حداد عاشت روح الخدمة بشفافية ومصداقية إلى أبعد الحدود فكانت متغربة عن العالم وكل ما يطلبه العالم. فعاشت في بيتها ومجتمعها كراهبة مكرسة للعمل البشاري .. حياتها سجلاً حافلاً بالخدمة والعطاء والتضحية ومليئاً بالفضائل والمزايا الحسنة إنها تاريخ نضال طويل في خدمة الكنيسة والوطن..
ذكية حداد شاهدة حية شهدت ليسوعنا الحبيب في عصرها وقدمته لمن حولها في البيت والمدرسة والمجتمع والوظيفة .. هي قامة من قامات النهضة الأرثوذكسية في كنيستنا وقدوة حية يقتدى بها، إنها موضع افتخارنا واعتزازنا بها…
إلى رحاب الملكوت يا أخت ذكية والتمتع بالنور الذي لا يغيب والعيش الأبدي في عائلة القديسين.. هنيئاً لك بهكذا انتقال في أيام فصحية مقدسة… اذكرينا أمام العرش الإلهي وصلي من أجل الكنيسة والوطن صلي كي يبسط الله مراحمه الغزيرة علينا وينجينا من الشدائد والضيقات لقد عشت بهدوء ورحلت بهدوء في أيام نعيد بها لقيامة الفادي كي تبقى صارخة إلى الأبد.
حمص الجريحة 2/5/2012