القدّيسة مريم المجدليّة: تبرز في العهد الجديد كأهمّ شخصيّة نسائيةّ بعد العذراء مريم والدة الإله. يكررِّ الإنجيليون الأربعة ذكرها، وغالباً ما يتصدّر اسمُها قوائم النّساء حاملات الطيب. سابقت خيوط الصباح يوم الأحد وحضرت مع العذراء مريم والدة الإله والظلام دامسٌ إلى قبر المخلصِّ لتطُيّبَ جسدَه المقدّس ﻗﺒل أن ﺗﺄتي النساء الأخريات، فصارت شاهدة على قيامته. أخلصَت جدّاً في محبتّها للمسيح فلم تتركه حين حُوكِمَ وحين صُلب، في حين غادَرَه معظم التلاميذ. وهي الوحيدة التي بَقِيَت عند صليب الربّ إلى جوار العذراء مريم والإنجيليّ يوحنا. فكان لها الفخر بأنْ تكون أوّل مَن يحمل بُشرى قيامة الربّ يسوع الى الرُّسُل المختبئين خوفاً، لتقول لهم: أنا رايت الربّ وهو حيٌّ إذ قام من بين الأموات وسيصَعَدُ أيضًا بالجسد القائم إلى السماء، الى الله الآب، من حيث اتى. (يوحنّا 20: 18).
تبعًا لهذه الحادثة سُمِّيتَ “رسولةً للرسُل” (1). كما أجمعت الكنيسة على تسميتها “المعادلة للرُّسُل”، ليس لأنهّا بشَّرَت الرُّسُل بقيامة المسيح فحسب، بل لأنهّا، من بعد العنصرة وتفرُّق التلاميذ للبشارة في أصقاع الأرض، ذهبت هي أيضاً الى روما لتَمْثُلَ أمام طيباريوس قيصر ( 14-37م) حاملةً معها بيضة حمراء مُبَشِّرَةَ إياه بقيامة المسيح حيًّا من القبر بسلطانه الإلهي اﻟﺬاتيّ، على نحو ما تَخْرُجُ الحياة من البيضة. وقد صار عملها هذا مُتداوَلاً عند كلّ المسيحيين في تعييد الفصح المقدّس. بقيَت تبُشَّرُ في روما من مطلع الثلاثينات حتىّ الستينات من القرن الميلاديّ الأول. عمِلتَ مع القدّيس بطرس حين جاء روما العام 44. وبعث لها القدّيس بولس بسلامه في رسالته إلى أهل رومية (16:6) التي كتبها نحو العام 55، إذ كانت تصرف من أموالها هناك أيضًا في سبيل البشارة. وبعدما حضر إلى روما وغادرها بسنتين تقريباً غادرت هي أيضاً إلى افسس لتنضمّ إلى القدّيس يوحنّا الإنجيلي والعذراء مريم والدة الإله. هناك أنهت حياتها، ويقول البعض إنهّا استشُهِدَت من أجل الإيمان العام 72، ودُفِنَت عند مدخل المغارة التي نام فيها فتية أفسُس السبعة المعيدَّ لهم في ٤ آب، وجَرَت على قبرها عجائب كثيرة.
نقُلِتَ رفاتها إلى القسطنطينيةّ في العام ٨٨٦ على عهد الإمبراطور لاون السادس الحكيم، ووُضِعَت في كنيسة القدّيس ألعازر، ومن ثم انتقلت الرفات إلى أوروبا (فرنسا وإيطاليا) إمّا عندما سبى الصليبيوّن المدينة العام ١٢٠٤ وإماّ بعدما دخلها العثمانيوّن العام ١٤٥٣ (2). فقط اليد التي لامسَت بها السيدّ المسيح بقيتَ من دون انحلال، محافِظَةً على حرارتها الطبيعية. أمّا كيف وصَلتَ إلى الجبل المقدّس آثوس، وكيف صارت كنزًا لدير سيمونوس بتراس، فالمعلومات مفقودة بسبب فقدان مكتبة الدير ومخطوطاته التاريخيةّ، لِمَا تعرض له الدير من دمار وتخريب على يد القراصنة، وللحرائق المتعدّدة التي أتت على محتوياته.
دعُيتَ القديّسة مريم بالمجدليةّ نسبة إلى قريتها “مجدلة” (آثارها باقية اليوم في قرية تسمّى “المجدل”) الواقعة على الساحل الغربيّ لبحر الجليل (بحيرة طبرية)، على بعد خمسة كيلومترات شمال مدينة طبريّة باتجاه كفر ناحوم.
لا نعرف شيئاً عن نشأة القدّيسة مريم المجدليةّ لكن يظهر أنّها كانت امرأةٌ ثريةّ ومن طبقة أرستقراطيةّ، إذ انضمَّت إلى تلاميذ المسيح بعدما شفاها، وصارت تدعم رسالته بأموالها، كما كانت أيضًا تفعل نساءٌ أخريات مثل صديقتها حنةّ (يونا) إمرأة خوزي وكيل هيرودوس، وسوسنّة (مرقس 15: 11 ولوقا 8: 3) اللواتي كُنّ مِن تلاميذ الرب أيضًا. أوّل ذكر لها في العهد الجديد ساقه البشير لوقا عند كلامه عن أنّ الربّ يسوع كان يكرز بملكوت الله في القرى والمدن كلها، ومعه إلى جانب الإثنَي عشر تلميذاً، بعض النساء اللواتي “كُنَّ قَدْ شُفين من أرواح شريرةٍ وأمراضٍ، وهنّ مريم التي تدعى المجدلية التي أخرج منْها سبعة شياطين” (لوقا 8: 2، وكذلك مرقُس 16: 9).
هذا التعبير الصعب “أخرج منها 7 شياطين” لم يدفع أحداً إلى الظنِّ بأنّها كانت غانية قبل انضمامها إلى صفّ تلاميذ المخلص (3). فالقدّيس امبروسيوس أسقف ميلان (340 – 397م) يذكرها بين الطاهرات عند كلامه العفّة (3: 14 و 4: 15) ولا يشير مطلقاً إلى كونها هي الزانية التي دهنت رجلَي الربّ بالطيب وقبلتهما طلباً للغفران في بيت سمعان الفريّسي (لوقا 7: 37 – 50). كذلك يفُرِّق القدّيس غريغوريوس النيّصصي (335-395م) في العظة الثانية على القيامة، والقديس يوحناّ الذهبيّ الفم (340-397م) في العظة 88 على متّى، بين الزانية في لوقا 7، ومريم المجدليّة، ومريم أخت لعازر ومرثا التي من بيت عنيا (4). ويقولان عن مريم الأخرى التي يذكرها مرقس 15: 40-41 ولوقا 23: 55 بين حاملات الطيب، أنّ مريم الأخرى هذه هي العذراء مريم والدة الإله، وهي أيضًا تدُعى مريم أمّ يعقوب ويوسف التي يذكرها متىّ 13: 55، لأنّ يوسف خطيب مريم العذراء كان أرملاً وله أولاد هم: يعقوب بن حلفى (أو ابن كليوبا) أحد الاثنَي عشر، ويوسف الذي يُدعى بارسابا والملُقَّب يوستوس (أعمال 1: 23) وهو عينُه أيضاً يُدعى يهوذا (أعمال: 15: 22) وسالومة (مرقس 16: 1) إمرأة زبدى. فالعذراء مريم تُسمّى أمهّم لكونها زوجة أبيهم، وإن كان أكثرهم يكبرها سِنّاً. ويؤكد أيضاً القديس غريغوريوس بالاماس في عظته على أحد حاملات الطيب أنّ مريم الأخرى هي العذراء والدة الإله. (P.G. 151, 204A).
القدّيس مودستوس، بطريرك أورشليم (632-634) (5) يؤكد طهارة المجدلية واستشهادها، إذ يقول عند شرحه لآية لوقا 8: 3: “نرى الرمزية في استخدام الرقم 7، تُنسب إلى الفضائل كما إلى الرذائل. وعلى الأغلب، إنّ ما يُقال في مريم المجدلية أنّ المسيح أخرج منها سبعة شياطين يعني أنّ المخلّص أخرج منها أمير الشرّ (الشيطان) إذ أخرجه من الطبيعة البشرية. لأنّ الروايات تنقُل لنا أنّ المجدلية كانت عذراء طيلة حياتها. ويقال أيضاً عند استشهادها، أنّه بسبب عذريتها ونقاوتها، رآها الجلادون كاللؤلؤة النقية” (P.G. Migne 104, Col244).
ويقول القدّيس ثيوفان أسقف كيراميوس (6) (1129- 1152) في العظة 31 على الإيوثينا الرابعة: “لا ﻳَحسبَنَّ أحدٌ أنَّ المجدليةَّ كانت مسكونة من سبعة شياطين. لكن، كما تُسمّى نِعَمْ الروح القدس أرواحًا سبعة، ويعُدِّدُها إشعياء النبي: “روح الحكمة، وروح الفهم، وروح المشورة، وروح القوّة، وروح المعرفة، وروح التقوى، وروح مخافة الربّ” (11: 2)، هكذا على عكسها تُسمّى قوى الشياطين بشياطين “النجاسة، والزنى، والبخل، والحسد، والغضب، والكسل ، والكذب، وعدم الإيمان”، وكلّ هوى يتماشى مع الشياطين. على ذلك لا يعود الاحتمال مُستبعَداً أو مُستحيلاً أنّ مريم المجدلية كانت واقعةً تحت تأثير أهواء سبعة، ولكنَّ المسيحَ حرَّرَها منها فصارَت من بعدها تلميذةً للمُخلّص”. (P.G. 132, Col 641-648).
ويتفّق القديس ثيوفيلاكتُس البلغاري أسقف أوخريد (1055-1107) مع ثيوفان، في تفسيره لإنجيل القديس لوقا، فيقول في الرسالة 41: 13 “كما أنّ هناك أرواحاً سبعة للفضائل، هناك في المقابل أرواحاً سبعة للشرّ. فروح مخافة الله تعاكسها روح عدم مخافة الله، وروح الفهم، تعاكسها روح عدم الفهم، وهكذا مع البقيّة. فإن لم تُغادر هذه الأرواح الشرّيرة السبعة من النّفس، يستحيل على أيّ إنسانٍ أن يتبعَ المسيح. إذ يجب اقتلاع إبليس أولاً من الإنسان لكي يسكُنه المسيح”.(P.G. 125, Col 797AB).”
واضحٌ إذًا أنَّ مريم المجدليّة كسائر النّاس كانت مُقيدَّةً بالأهواء لكنّ المسيح أعتقها منها لتصير له بالكليّة.
هل لَمَسَت القدّيسة مريم المجدليّة المسيحَ القائم من بين الأموات؟ وماذا حصل صباح يوم الأحد المجيد؟
* نعرف من بشارة الإنجيليّ متّى 28: 1-4، ومن بشارة الإنجيليّ يوحنا 20: 1 أنّ مريم المجدلية ومريم العذراء والدة الإله، من شدّة اشتياقها إلى الربّ كانتا أول الواصلين إلى القبر المقدّس والظلام لم يزل مُخَيّماَ.
الربُّ قد قام، والقبر فارغٌ، ولكن لا أحد من الناس يعلم. الملاك جبرائيل يرى العذراء تسارع إلى القبر فيبادر هو ليُريها القبر الفارغ، ويسارع ويُدَحرج الحجر عن باب القبر. يهرب الحراس من الخوف.
* ترى المجدليةّ باب القبر مفتوحًا فتسارع لتُخبر التلاميذ أنَّ أحدًا سرق السيّد، تاركةً العذراء مريم وحدها عند القبر (يوحنا 20: 2-4)
* تصل نساء أخريات مع طلوع الشمس إلى القبر، فيرين الحجر قد دُحرج (مرقس 16: 1-4؛ لوقا 24: 1-2).
* يدخلنَ القبر ويتحدث إليهنَّ ملاكان (واحدٌ في الداخل والآخَر في الخارج)، ويطلب الملاكان منهُنَّ إخبار التلاميذ بأنَّ الربَّ قد قام (متىّ 28: 5-8؛ مرقس 16: 5-8؛ لوقا 24: 3-8)
* يستفيق الحراس من الذهول ويهرولون إلى رؤساء كهنة اليهود ليخبروهم بالعجب الحاصل فيسكتونهم بالمال.
* يصل بطرس ويوحنّا إلى القبر فينظران الأكفان مطويّة وكلّ جزءٍ منها على حِدة. ثم يغادرا مذهولَين.
* المجدلية التي عادت معهما تبقى وحدها خارج القبر تبكي وتنوح، تنحني لتنظر داخل القبر، لتتعزّى برؤية المكان حيث كان جسد الربّ الحبيب مُسجّى فترى ملاكين فتظنّهما شابين جالسَين واحدٌ عند مكان الرأس والآخَر عند مكان الرجلَين. يسألانها عن سبب بكائها وعمّن تطلب. فتكشف حيرتها وحسرتها على أنَّ جسد سيدّها قد سُرِق.
* فيما تجاوبهما ترى تخشُّعاً يعتريهما فتلتفت إلى خلفها لترى سبب ارتعاب الشابّين. ترى رجلاً فتظنُّه البستاني. يسألها هو بدوره عن سبب بكائها وعمّن تطلب. فتجيبه كما أجابت الملاكين.
* وفيما هي تجاوبه تشيح بنظرها إلى الملاكَين، فيناديها الربُّ باسمها.للحال عرفته وصرخَت: “يا مُعلمِّي” = “رابوّني” وارتمت عند قدميه. مرقس 16: 9؛ ويوحنا 20: 11-19)
* يقول لها الربّ : “لا تلمسيني بعد”، ها قد تحقَّقتِ من قيامتي فعلاً، فكُفّي عن الإمساك بي لأنّ هذا لن يمنع صعودي إلى أبي. وأنا أكلفُكِ الآن بنقل خبر القيامة لإخوتي. قولي لهم: إنّي ماضٍ إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم. في هذا المشهد كانت المجدليةّ مع العذراء مريم أمام الربّ ساجدتين كما يروي متىّ في بشارته 28: 9.
* تسارع المجدليّة لتنضمّ إلى النسوة الأخريات في تبليغ الرُّسُل بأنَّ الربَّ قد قام حقّاً وانّه ظهر لها وحمّلها رسالة لهم. (مرقس: 16: 10-11؛ لوقا 24: 9-11).
* يظهر الربُّ للوقا وكليوبا وهما سائران على طريق عَمواس، فعادا إلى أورشليم ليُخبرا الرُّسُل المختبئين في العليّة (لوقا 24: 13-35)
* يظهر الربُّ لبُطرس (لوقا 24: 34)
* لم يُصدّق بقيّة الرُسُل خبر النسوة (لأنّ يوحنا وبطرس آمنا بالقيامة) حتى ظهر لهم الربّ مساء الأحد (مرقس 16: 14-18؛ لوقا 24: 36-43؛ يوحنّا 20: 19-23)
بركة ذخائرها:
حضورها الحقيقي في حياة رهبان دير سيمونوس بتراس، مختبَر ومتناقَل من أجيال. العلبة الحاليّة الحافظة ليدها اليسرى مصنوعة في العام ١٦٤٤، وتُخبر بأنَّ هذه هي ذخيرة القدّيسة مريم المجدلية مع مؤسِّس الدّير القدّيس سمعان المفيض الطيب شفيعَين للدير، لذلك تُظهرهما الإيقونة التي من العام 1730م حاملَين للدير بصلواتهما.
قام قراصنة بسرقة هذه الذخيرة المباركة بالقرب من جزيرة كيفالونيا اليونانية العام 1748 ومضَوا بها إلى طرابلس (ليبيا). ولماّ عُرِف مكانها توسّل آباء الدير لدى السلطان العثماني لكن توسُّلاتهم لم تنفع في استردادها. فدفعوا له مبلغاً كبيراً من المال مقابل فرمان موجّه إلى حاكم ليبيا ليعيد الذخيرة إليهم. ومع ذلك لم يُنَفّذ الضابط العثماني الفرمان. فتوسّط الرهبان مع القراصنة وفاوضوهم على 520 درهم بندقي (فينيسيا) دفع منها أحد المسيحيين الأتقياء 200 درهم وجمع رئيس الدير حينها بقيّة المبلغ من هبات المؤمنين، فعادت الذخيرة المقدسّة إلى الدير العام 1766، كما يؤرخها مخطوط في الدير يقول: “عادت إلى ههنا فكانت ينبوعًا للدير حتىّ اليوم” أي ينبوعًا للنعمة والعجائب.
العام 1888م أخذت ذخيرة القدّيسة مريم المجدلية إلى روسيا ليتبرّك بها المؤمنون هناك، مع الرئيس نيوفيطس، يصحبه راهبان. العام 1891، خلال فترة بقاء الذخيرة المُكرمّة، حدث الحريق المدمِّر الذي أتى على الدير بكامله – ولهذا السبب مدَّد الآباء فترة إقامتهم في روسيا. وعن طريق الهبات الشعب الروسي التقيّ تمكنوا من إعادة بناء الدير. وكتعبير عن إمتنانهم للشعب الروسي أخذت ذخيرة القدّيسة مريم المجدلية العام 2006م مرّة أخرى إلى روسيا حيث سجد لها مئات الآلاف من المؤمنين الذين كانوا ينتظرون دورهم للسجود لساعات عديدة وفي ظروف طقسيّة صعبة للغاية.
عجائب القدّيسة مريم المجدلية
كان رئيس دير السيمونس بيتراس المغبوط الأب ايرونيموس (رقد بالرب العام 1957) يقول عن الذخيرة المقدسّة للقدّيسة مريم المجدلية: “إن كنز الدير الأعظم هو اليد اليسرى لحاملة الطيب، العذراء، المعادلة للرسل وتلميذة الربّ، مريم المجدلية. فهي تفوح طيباً، ولها حرارة جسد الإنسان الحَيّ، وتصنع العجائب على هؤلاء الذين يقبّلونها على هذا الإيمان”. يرُوى عن الشيخ ايرونيموس أنّه خلال زيارة قديمة له مع شيخه الروحيّ إلى قريتهما فريولا في آسية الصغرى، كانت معهما ذخيرة يد القديسة مريم المجدلية. في ذلك الوقت كانت المنطقة تعاني من الجراد. وبالفعل بعد الزياح الذي قاموا به مع ذخيرة القدّيسة في القرية سقط كلّ الجراد في البحر.
في ملفات الدير توجد العديد من الرسائل المرسلة من رؤساء كهنة من مقاطعة مقدونية ومن آسيا الصغرى، يطلبون فيها المكرّمة للقدّيسة مريم المجدلية، وأن يرُسل لهم الماء المقدّس ببقديسة. فضلاً عن وجود العديد من رسائل الشكر والتي تذكر عجائب للقدّيسة بعد إجراء صلاة تقديس الماء للقدّيسة مريم المجدلية والزياحات كان الجراد يختفي من الأراضي الزراعية.
العام 1911م، ظهر في منطقة غلاتيسنا – خالكيذيكي، نوع من الدود الذي كان يتلف النباتات والمحاصيل. بعد المكرّ مة للقدّيسة مريم المجدليّة تلاشت ك الحشرات التي كانت تتلف المحاصيل . صلاة تقديس الماء مع الذخيرة المكرمّة للقديسة مريم المجدلية تلاشت كلّ الحشرات التي كانت تتلف المحاصيل.
العام 1912م تعرضت بلدة إيبانومي – تسالونيكي لهجوم سراب من الجراد. طلب سكان البلدة مجيء الذخيرة المقدّسة. وبعد صلاة البراكليسي وتقديس الماء اختفى الجراد الذي كان يأكل البذار. وحتى اليوم يكرمِّ سكان البلدة القدّيسة مريم المجدليّة، والدليل الواضح على إكرامهم هذا للقدّيسة هو أنَّ العديد من السكان يعطون اسم المجدلية عند تعميد أولادهم. العام 1945 أجرت الذخيرة المكرمّة للقديسّة عجيبتها. تلك السنة إندلع حريق كبير في غابات دير الإيفيريون
المقدّس. كانت الريح تهبّ بقوة، وهكذا خلال ساعات قليلة وص الحريق إلى منطقة خط القمّة الذي يفصل مناطق أديار الإيفيريون، الفيلوثيو، كسيروبوتامو – سيمونُس بيتراس. بينما كان الجميع واثقين أنّ كلّ الغابات ستحترق. هَرَع آباء دير السيمونُس بيتراس إلى مكان الحريق ومعهم الذخيرة العجائبية للقديسة. في حين لم يكن أحدٌ قادراً على الاقتراب من نيران الحريق إذ كان من المحتمل جداً أن يُحاط من النيران الملتهبة. ومع هذا تمّت العجيبة. فحالما اقترب الأخوة مع الذخيرة المقدسّة من أمام النيران للحال قطعت النيران الطريق، وبينما كان الآباء يُصلوّن صلاة تقديس الماء وصلاة البراكليسي للقدّيسة مريم المجدلية كانت النيران قد انطفأت نهائياً أمام عجب الآباء الذين كانوا قد تجمعوا من الأديرة الأربعة من أجل المساعدة.
——————————– (1) أورد بارت إهرمَن اقتباسًا يُظَنُّ أنَّه لهيبوليتُس، العلامّة المسيحيّ في روما نحو العام ۲۰۰، يقول في تفسيره لكتاب العهد القديم “نشيد الأناشيد” إنَّ يسوع لمّا ظهر للرُّسُل عشيّة يوم القيامَة وبَّخَهُم لعَدَم تصديقهم النّسوة مؤكِّدًا لهم أنّه هو الذي ظهر للمجدليّة ولبقيّة النسوة وكلفَّهُم نقل بُشرى القيامة. فصارت النُسوة “رسلاً للرُسل”. Ehrman, Bart. Peter, Paul, and Mary Magdalene: The Followers of Jesus in History and Legend. Oxford University Press, USA. 2006.
(2) يقول تقليد غربيّ إنَّ اليهود ثاروا على المسيحيين فوضعوا لعازر وأختاه في قارب مع مكسيمس أحد التلامذة السبعين ومركلا جارية مرثا، وتركوهم لرحمة الأمواج، غير أنّهم وصلوا إلى مرسيليا في جنوب فرنسا وبشَّروا فيها. (تحمل هذه الرواية تأكيدًا على أنَّ المجدليّة هي مريم أخت لعازر ومرثا، وهو ما لم يكن مُتداولا قطعًا عند الآباء الأقدمين. بدليل أنَّ المؤرِّخ الروماني الفرنسي غريغوري أسقف تور (538-594) Gregory of Tours يقول في كتابه “De Miraculis, I, xxx”، في نهاية القرن السادس إنّها ذهبَت إلى أفسُس. فليس هناك إذًا من أساسٍ قديم لقصّة ذهابها إلى فرنسا.
(3) القدّيس غريغور يوس الكبيير بابا روما (+ 591) هو الوحيد بين الآباء الذي ذكر أنَّ الربَّ أخرج من مريم المجدلية سبعة شياطين هي الرذائل السبع، بما فيها الشهوة الجنسيّة غير المنضبطة. وذلك في عظته 33 على إنجيل يوحنّا. (P.L. 76. Col. 1238D-1239A) . واستنادًا إلى قوله هذا ثبَّتَت المدرسة اللاهوتيّة في باريس العام 1521 النّظرة إلى المجدليّة على أنّها هي الزانية التي دهنَت الربَّ بالطيب، وأنّها هي أيضًا مريم أخت لعازر ومرثا، لينشأ معها تقليد غربي يعتبر ها عنوانًا للتوبة. لكنَّ المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي بدأ أعماله العام ۱۹٦۳ واستمرّ حتّى العام ۱۹٦۹، انتهى إلى الفصل بين الشخصيّات الثلاث: الزانية في بيت سمعان الفرّيسي، ومريم المجدليّة، ومريم أخت لعازر ومرثا من بيت عنيا.
(4) مريم أخت لعازر ومرثا دهنت رجليَّ الرب بالطيب ومسحتهما بضفائر شعرها عربون شكرٍ له على إقامته أخاها لعازر من الموت. ولا يجب أن يكون التشابه بين ما عملته هذه وما عملته الزانية سبباً لجعلهما واحداً لأنّ لكلّ فعل ظرفٌ وزمانٌ ومكانٌ.
(5) نسك في جبل سيناء، ثمّ صار رئيس دير القدّيس ثيودوسيوس الذي بقرب بيت لحم. ولمّا سبى امبراطور الفرس، كسرى الثاني، مدينة أورشليم العام 614 وأخذ معه الصليب المحيي والبطريرك زخريا رهينتَين، ساس مودستوس البطريركيّة في غيابه الذي طال مدّة 14 عامًا، إلى حين استعادهما الإمبراطور هرقل العام 628. ولمّا رقد البطريرك زخريا العام 632 اختير مودستوس خلفًا له، ثمّ رقد بالرب العام 634 عن 97 عام.
(6) هي Kerameus، وتقع في كالابريا – إيطاليا، أو في تورميني – صقلية.