العهدان

mjoa Monday September 24, 2012 117

يحتلا مكانـة كبـرى في الرسـالـة الـى اهـل غـلاطيـة اذ الـرسالـة تبحـث في الإيمـان الذي ابتـدأ مع إبراهيـم. على هذا الأسـاس يسمّـي بـولـس المـؤمنيـن بنـي إبراهيـم مع ان أكثـرهم ليسـوا من نسلـه. فبـركـة إبراهيم “للأمم في المسيـح يسـوع”. الأمـم تـدل عـلى أن إبـراهيـم ابـو الشعـوب جـمـيـعـا فـي إيـمـانـهـم بـالمـسيـح.

يؤكد بولس في هذا السياق انه “كان لإبراهيم ابنان أحدهما من الجارية (هاجر) والآخر من الحُرّة (سارة). هنا يستعمل مصطلحين: الجسد والمـوعد. فالذي جاء من الجـارية وُلد بحسب الجسد أي بلا وعد إلهيّ، اما الذي من الحُرّة فبـالمـوعـد. وهنا يشرح الرسول لأن هاتين المرأتين ترمزان الى عهـدين: أحدهما من طُـور بـلـد العبـوديـة وهي هـاجـر. ويـشـرح أن مـا تـدلّ عـليـه هـاجـر هو “طُور سينـاء في ديار العـرب”، وسينـاء اسـم لشبـه جـزيـرة سـينـاء المـعـترضة بين مصـر وفـلسطيـن.

هـذا الطـُور (او الجبل) يناسب اورشليم الحــالـيــّة مـركــز الـديــانــة الـيـهـوديـة، وهي “حاصلة في العبوديـة مع اولادها” لكونها لم تعرف بعدُ العهـدَ الجديد. اورشليم هذه بـاتـت مدينـة عاديّة ككل المدن. اما اورشليم العُليا، وهو يقصد الكنيسة، “فهي حُرّة وهي أُمّنا كلنا”. نحن نأتي من هذه الأُم التي وَلدتنا بالمعمودية والمعمودية تجعلنا واحدا في كنيسة الرب.

ويسنـد بـولس فكره الى كلام لكتاب في العهد القديم: “افرحي ايتها العاقر التي لم تلد”. وبالمعنى نفسه “اصرخي ايتها التي لم تتمخّض لأن اولاد المهجورة اكثر من اولاد ذات الرجل” بالإشارة الى الولادة الجديدة التي هي في المسيح. للمسيحيين أن يفرحوا بالرب يسوع مع أنهم قلّة لأنهم ينظرون الى الإيمان والرجاء والمحبة.

هذا الفصل من الرسالة الى أهل غلاطية يشير الى أننا تحررنا من عتاقة العهد القديم ودخلنا مع المسيح في حياة جديدة. صرنا في المسيح “خلائق جديدة” يتجدّد الكون بنا بعد أن تجددنا نحن بالمسيح.

هذا يتطلب تحرّرا من كل ما هو عتيق في سلوكنا اذ ينسكب علينا دائما الروح القدس الذي به نتعزّى. نحن وإن كنا متكوّنين من هذا الجسد إلا أن حقيقتنا العميقة أن الروح القدس هو الذي يجعلنا أبناء الله لا أبناء آبائنا وأُمهاتنا فقط. بعد هذا نُنشئ الآخرين بتوبتنا وتوبتهم، ونُدخل مَن آمن بيسوع في حياة يسوع الذي يُجدّدنا لأنه هو الجديد الدائم.

والكنيسة جديدة بأبنائها المقدّسين بالروح الإلهي، وفيها يتحرّر الإنسان من الأشياء العتيقة التي التصقت به، وهو ينتمي الى الكنيسة المتجدّدة كل يوم بالأسرار وبخاصة جسد المسيح ودمه ما يجعلنا على صورة المسيح يوما فيومًا.

  جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
رعيتي تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share