ما كان ليتغيّر الوضع لو قرّرت إحدى المحطّات التلفزيونيّة “المسيحيّة” عرض مسلسل عن سيرة “النبيّ محمّد” من وجهة نظر لا تأخذ بعين الاعتبار المعتقد الإسلاميّ ورؤيته لشخصيّة النبيّ المؤسّس. فالمتديّنون، يقودونهم فقهاؤهم وكهّانهم، لا يطيقون أن يقول أحدهم قولاً يخالف قولهم، أو أن يعتقد بعضهم ما لا يعتقدونه هم. هنا لا تختلف المؤسّسات الناطقة باسم…
يختم القدّيس لوقا الإنجيليّ روايته عن بشارة الملاك جبرائيل لمريم بقبول مريم المهمّة الموكلة إليها من لدن الله. فمريم حين سمعت دعوة الله إليها لم تتردّد ولو هنيهة واحدة، بل استجابت لهذه الدعوة الإلهيّة قائلةً: “ها أنا أمَة الربّ، فليكن لي بحسب قولك” (لوقا 1، 38). جواب مريم ليس جبريًّا، بل هو نابع عن حرّيّة…
تزدهر صفحات الأنترنت بتعليقات القراء على الأخبار والمقالات المنشورة فيها. وفي أحيان كثيرة تلفت هذه التعليقات نظر القارئ، ولا سيّما القارئ البحّاثة، أكثر ممّا تلفته المقالات التي تمّ التعليق عليها. فالتعليقات تعبّر عن أحوالنا الدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة بشفافيّة وصراحة وصدق ومن دون مواربة أو أقنعة أو قفّازات. أمّا المواضيع التي تستثير الردود أكثر من…
الأسقف وفق تعليم الكنيسة هو، على مثال المسيح، خادم لرعيّته يبذل نفسه لأجلها، ولا يضحّي بها في سبيل عزّته وسلطانه. فالمسيح قلب مفهومَي الراعي والرعيّة رأسًا على عقب حين قال: “أنا الراعي الصالح. الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف”. في العادة، يقتني الراعي قطيعًا من الغنم فيعلفه وينمّيه كي يهيّئه للذبح، فيما المسيح الراعي فعل…
يحظى بعض القدّيسين لدى عامّة الشعب بمكانة فائقة، فيما لا يحظى بعضهم الآخر بسوى مكانة متواضعة. أمّا القدّيسون أصحاب الحظوة، في شرقنا، فنستدلّ عليهم عبر أسمائهم التي أطلقها الناس على العدد الأكبر من الكنائس والمواليد الجدد، وعبر الاحتفاء الجماهيريّ بأعيادهم، ورفع أيقوناتهم ونصب تماثيلهم في البيوت ومداخل العمارات ونواصي الشوارع. ولعلّ القدّيس إيليّا النبيّ (عيده…
يتحاشى أهل الحوار الإسلاميّ المسيحيّ كلّ ما له صلة بالشأن اللاهوتيّ. هم يعتقدون أنّ الحوار اللاهوتيّ لن يؤدّي إلى نتيجة، بل سيؤدّي إلى التنافر والخلاف. هنا ثمّة مفارقة تكمن في أنّ الحوار الدينيّ ينأى بنفسه عن الخوض في أهمّ المسائل الدينيّة، في جوهر الدين. فيكتفي أهل الحوار الدينيّ بالبحث في قضايا العيش المشترك والمواطنة والأخلاق…
ما إن تباشر قراءة كتاب “قسّ بن ساعدة الإيادي، حياته – خطبه – شعره” (منشورات الجمل) حتّى تصاب بالخيبة. فالكتاب لا يستوفي الشروط العلميّة في تقصّي الروايات القديمة، ولا في نقد المصادر، بل تراه يتبنّى ما يقوله التراث الإسلاميّ في شأن شخصيّة مسيحيّة من دون أيّ جهد تدقيقيّ. والدكتور أحمد الربيعي، مؤلّف الكتاب، يكاد يقرّ…
أن تقرأ الأخبار الدينيّة بالجملة غير أن تقرأها بالمفرَّق. قلقك حين تقرأ هذه الأخبار بالجملة أكثر بكثير ممّا لو كنت تقرأها بالمفرّق، إذ بعد فراغك منها تدرك إلى أيّ قاع انحدرت العلاقات بين أهل الديانات وأهل المذاهب والطوائف، وأين بلغ الانحطاط الأخلاقيّ عند بعض الناطقين باسم الديانات، وفي أيّ فضاء معتم تتمّ مناقشة بعض القضايا…
يطيب للناس أن يروا صورتهم عن ذاتهم برّاقة لا يشوبها أيّ ذرّة غبار أو خدش طفيف. ويزداد هذا الحرص لديهم حين يتعلّق الأمر بالحديث عن هويّاتهم الوطنيّة أو القوميّة أو الدينيّة. وإذا ما اقتصر كلامنا على الموضوع الدينيّ نجد أنّ تحسين الصورة عن الذات أمر سليم، شرط عدم تقبيح صورة الآخر. لكن لا بدّ أيضًا…