يستعمل كاتب سفر التكوين في خاتمة كلّ يوم من أيّام الخلق الخمسة الأولى عبارة “ورأى اللَّه أنّ هذا حسن” (تكوين ١: ٤ و10 و12 و18 و21). لكنّه، بعد أن يتحدّث عن خلق الإنسان في اليوم السادس يستعمل الكاتب عبارة “ونظر اللَّه إلى كلّ ما صنعه. فرأى أنّه حسنٌ جدًّا” (تكوين 1: 31). جعل اللَّه الخليقة…
فرحنا لفرح إخوتنا الكاثوليك في العالم لمناسبة إعلان قداسة البابوين يوحنّا الثالث والعشرين ويوحنّا بولس الثاني. وهذا الفرح ينبع من نحو قرن من الحوار المسكونيّ في سبيل رأب الصدع واستعادة الوحدة ما بين المسيحيّين، ولا سيّما ما جرى بعد المجمع الفاتيكانيّ الثاني الذي أضفى روحًا جديدة على الكنيسة الكاثوليكيّة، بحيث بات بدهيًّا التمييز بين ما…
ثمّة أسوأ ممّن يرتكب الخطيئة. مَن يرضى بالخطيئة باعتبارها أمرًا عاديًّا أو طبيعيًّا لهو أسوأ ممّن يرتكب الخطيئة. كلّنا وقعنا ونقع في فخّ الخطيئة، لكنّنا ندرك أنّنا، بارتكابنا الخطيئة، إنّما نقوم بعمل يخالف المنطق الذي نؤمن به، لذلك علينا إدانتها وعدم الوقوع في مصيدة البحث عمّا يبرّرها، أو ما يجعلنا نصمت أمام مرتكبها. يقول القدّيس…
يتّفق معظم اللبنانيّين على القول إنّ الطائفيّة هي العلّة الأساسيّة التي تجعل البلد ينتقل، وباستمرار، من أزمة إلى أخرى. ويتّفقون على القول إنّ الطائفيّة، وإن لم تكن دائمًا السبب الرئيس في اندلاع النزاعات الداخليّة، كانت هي الوقود الذي استعمله أصحاب الشأن في إذكاء نار هذه النزاعات وتحوّلها إلى حروب لم يسلم من أذاها اللبنانيّون، فدفعوا…
“وجوه من نور” (الأب إيليّا متري) المؤمنون أيقونات من لحم ودم. هذا ما يقرّه تقليدنا الكنسيّ الأرثوذكسيّ الحيّ. فحين يبخّر الكاهن الكنيسة، يبخّر المؤمنين والأيقونات باعتبارهما مقدّسين، المؤمنين بالقوّة، والأيقونات بالفعل. وبكلام آخر، المؤمنون، وهم القائمون على الرجاء، قدّيسون أحياء، جماعةٌ تائبة تائقة إلى لقاء ربّها والاتّحاد به في الأسرار والعبادات والحياة اليوميّة. ويكتمل هذا…
النبيّ،(١) في الكنيسة الأولى، هو المبشّر بكلمة اللَّه، هو ذاك الذي يملك موهبة خاصّة، ويتلقّى كلامه من الوحي والإلهام، فيعلن مقاصد اللَّه الخلاصيّة بالنسبة إلى العالم وإلى الكنيسة، ويكشف مشيئة اللَّه للعالم ولمجموع المؤمنين. أمّا فعل “تنبّأ” في العهد الجديد، فقد عنى من بين ما عناه التبشير بالرسالة الموحى بها إلى النبيّ والتعليم والتذكرة والتعزية:…
ينتاب بعض الأرثوذكس الأنطاكيّين أحلام يقظة يغلب عليها الاسترسال في الخيال والغربة عن الواقع المحيط. وأحلام اليقظة هذه تنأى بأصحابها عن مواجهة الواقع، وترميهم في أحضان وهم متخيّل يُشبع رغباتهم الدفينة التي لم يستطيعوا إشباعها في الحياة الواقعيّة. هم يهربون من واقعهم بحثًا عن فردوس مفقود لا يمكن تحقيقه، يبحثون عن فردوس وهميّ. لكنّ أحلامهم…
“أنا الطريق والحقّ والحياة” (يوحنّا 14، 6) يقول الربّ يسوع المسيح. والمسيحيّ يدرك هذا القول التزامًا محقَّقًا “الآن وهنا”، حيث يوجد ويتنفّس ويتحرّك. أن يكون الربّ هو “الطريق”، يعني أن ينهج المسيحيّ نهج ربّه ؛ أي الحبّ الأقصى إلى بذل الذات من أجل أخيه الإنسان ؛ إذ “إنّ العبد ليس أفضل من سيّده”. أن يكون…
الكتابة موهبة تُصقل بالممارسة. هي فنّ يتطوّر مع كلّ كلمة تصبح حبرًا على ورق. هي حاجة ماسّة تنفع القراء، ولو بعد آلاف السنين. هي الوسيلة الوحيدة التي تمدّ بالحياة الأفكار التي يضجّ بها العقل والقلب. هي الفضل لها بنشر المعرفة والعلم والنقاش المؤدّي إلى بلورة الآراء وتسديدها. لولا الكتابة، كيف كانت وصلت إلينا الأناجيل والرسائل؟…