يقول القدّيس أمبروسيوس أسقف ميلانو (+397) إنّ للشيطان ثلاثة رماح أساسيّة يتسلّح بها عادةً ليجرح النفس البشريّة، هي رمح الشراهة، ورمح الكبرياء، ورمح الطمع. وفي فقرة أخرى يتابع أمبروسيوس قائلاً إنّ التجارب الأقوى التي تصيب الإنسان فتهلكه إذا خضع لها بحرّيّته إنّما هي ملذّات الجسد، وسراب المجد، وجشع السلطة. القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم يذهب المذهب…
يقسم المسيحيّون كتابهم المقدّس إلى جزأين: العهد القديم والعهد لجديد. غير أنّ معظمهم يؤمنون بأنّ ثمّة تفاوتًا ما بين العهدين. فالعهد الجديد “نسخ” العهد القديم، أي أنّ المسيحيّة تعتبر أنّ العهد القديم، بعد مجيء السيّد المسيح، قد أصبحت مكانته ثانويّة، وإنْ أبقت عليه ضمن إطار الكتاب المقدّس. اعتبرت المسيحيّة أنّ المسيح هو القدوة الوحيدة التي…
ثمّة أخطاء منهجيّة يقع فيها معظم الذين يغامرون بإجراء مقارنات ما بين الديانات، وبخاصّة أنّهم غير موضوعيّين، بل أحكامهم تقوم على قناعات ذاتيّة راسخة غير قابلة للنقاش. وغالبًا ما ينزلق هؤلاء إلى فخّ التعميم انطلاقًا من وقائع منعزلة أو طارئة. لا بدّ، بدءًا، من التأكيد على ضرورة التمييز ما بين الديانات من جهة، وتصرّفات المنتمين…
بات الخطاب الاعتذاريّ والتبريريّ ممجوجًا. بات حجّة أقبح من ذنب. باتت الصور التي تجمع الأئمة والبطاركة غير مقنعة… فما جرى في ليبيا، وقبلها في كلّ بقعة من بقاع هذا الشرق المتألّم، لا يجوز أن يواجَه بخطاب ببّغائيّ مضمونه عدم مسؤوليّة الأديان عن انتشار الإرهاب في ديارنا. فإنْ كان بديهيًّا القول بعدم مسؤوليّة الأديان فهذا لا…
الكنيسة المارونيّة أكبر من أيّ موقع وطنيّ أم سياسيّ. هذا الكلام لا ينفي، بأيّ حال، أهمّيّة انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، وفق الوضع القائم، كي يكتمل المشهد الدستوريّ، ويستقيم عمل المؤسّسات. صارت الكنيسة المارونيّة مستقلّة على عهد يوحنّا مارون، بطريركهم الأوّل (توفّي عام 707)، الذي أنشأ تنظيمًا كنسيًّا خاصًّا مستقلاًّ عن باقي الكنائس المشرقيّة. وعاشت الكنيسة…
العجم هم العجم. واليهود هم اليهود. أمّا الروم فمَن هم؟ سؤال خطر ببالنا عند سماعنا كلمة النائب وليد جنبلاط، الأحد الفائت، في عاليه. ولم نكن لنطرح هذا السؤال لو لم يعقد جنبلاط صلة وثيقة بين تحطّم الحلم العربيّ “إربًا إربًا”، وأصابع “الروم والعجم واليهود”. لقد اندثرت قوّة الروم البيزنطيّين في هذه البلاد. زالت إمبراطوريّتهم، والحمدلله،…
إلى المطران غريغوار حدّاد أدركت الكنيسة، منذ نشأتها، أنّها “جماعة” يسوع المسيح، وأنّها ذات طبيعتين إلهيّة وإنسانيّة. فالقدّيس بولس الرسول يصفها بجسد المسيح الذي هو رأسها ومخلّصها: “كما أنّ المسيح رأس الكنيسة التي هي جسده وهو مخلّصها” (أفسس 5، 23). هذا القول يأتي بعد أن يعرض بولس الرسول للمواهب التي يعطيها الله لأعضاء الجسد…
أعادت التنظيمات الإسلاميّة المقاتلة في بلاد الشام، وبخاصّة تنظيم داعش، إلى الحياة تعبيرًا فقهيًّا قديمًا نظّم، من وجهة النظر الإسلاميّة، وضع السكّان غير المسلمين، ولا سيّما اليهود والنصارى، في الدولة الإسلاميّة، هو تعبير “أهل الذمّة”. لم يكن هذا النظام، عبر التاريخ، مثاليًّا على الدوام، لأنّه كان خاضعًا لأمزجة الخلفاء والسلاطين والأمراء والولاة، ولكن أيضًا الفقهاء…
لا يمكن أحدًا أن يبرّر أيّ جريمة بتقديمه ذرائع دينيّة شريفة، أو ذرائع إنسانيّة سامية. لذلك لا يمكن تبرير الجريمة التي أودت بحياة بعض العاملين في صحيفة “شارلي إيبدو”، مهما بالغت هذه الصحيفة بالإساءة إلى العزة الإلهيّة أو بإهانة الديانات والأنبياء. صحيح أنّ هذه الصحيفة قد استفزّت، من حين إلى الآخر، المسيحيّين والمسلمين وسواهم، عبر…