(*) صلاة من وحي محنة مخيّم جنين

mjoa Wednesday November 12, 2008 359

-1-
يا رب،
يتعاقب مندوبو العالم
ليقفوا أمام أنقاض
ما كان يُدعى، لأيام خلت،
بـ “مخيم جنين”،
فيكادون لا يصدّقون عينيهم
ويصرخون:
“إن ما نراه لهو أشدّ فظاعةً
وهولاً من زلزال!”

.

ولكنه زلزال متعمَّد
سُخِّرت له أحدث أدوات الدمار.
إذ بعد أن دكّت المدافع والطائرات
بيوت الفقراء على رؤوس أهلها،
تقدمت المجنـزرات والجرافات،
فداست، بخطاها الثقيلة العمياء،
ركام المنازل وما تحتها
من قتلى وجرحى،
ساحقة بلا رحمة
الحجارة والأجساد.
***

ربّي،
ألم يذكر الذين نفّذوا هذه الفظائع
والذين، بدم بارد،
خطّطوا لها وأمروا بها،
ألم يذكروا، ربّي،
العبارات المدوّية
التي هتف بها بإسمك،
نبيّهم أشعيا العظيم:
“ما بالكم تسحقون شعبي
وتطحنون وجوه المساكين؟” (3: 15)
أم تُراهم وجدوا مبرّرًا لهم
– وما أسرع ما يجد الإنسان تبريرًا لإثمه-
فأقنعوا أنفسهم بأن الفظائع هذه
لا بدّ منها لبناء ما سمّوه
“إسرائيل الكبرى”
بضمّهم إليها أكثر من نصف
الرقعة الباقية لسكان فلسطين
بعد أن سلبوهم أرضهم وطردوهم منها؟
وقد فعلوا ذلك كلّه متذرعين بوعدك،
وكأنه صكّ يجيز لهم القتل والاغتصاب.
هل نَسوا الكلام الذي تفوّه به، باسمك،
نبيّهم ميخا، هاتفًا:
“اسمعوا هذا يا (…) حكّام آل اسرائيل،
الذين يمقتون العدل (…)،
الذين يبنون صهيون بالدماء
وأورشليم بالجريمة! (…)
وهم إلى ذلك على الرب يعتمدون
قائلين: “أليس الرب في وسطنا؟
فلن يحلّ بنا شرّ” (3: 9-11)؟

يا ربّ،
حرّرهم من ضلالهم هذا،
إفتح عيونهم كي يدركوا
أنك لا يمكن أن تكون
مع من يعاهد الظلم،
وأنهم، عندما يفعلون ذلك،
يطردونك من “وسطهم”
ويسلمون أنفسهم للـ”شرّ”،
ويتركونه يعيث فسادًا
فيهم وفي محيطهم،
فيدمّر انسانيتهم،
ويزرع حولهم الهلاك والدمار،
وينشر حقدًا يرتدُّ عليهم
ويفتك بأبريائهم
ويسجنهم في دوامة لا تنتهي
من الكراهية السوداء والموت.
***

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share