أين القوانين الأنطاكية من النهضة؟

mjoa Thursday December 11, 2008 532

ملاحظة: بإمكانكم متابعة المقالات الثلاثة الأخرى المقترحة من قبل الأمانة العامة، أي ’’الإلتزام، الكهنوت الملوكيّ وشرح مبادىء الحركة‘‘ ضمن الفقرة إياها أي عبر اختيار، ’’محطات إرشاديّة‘‘ من الصفحة الأساسية للحركة والضغط على عنوان ’’إنطاكيّة تتجدد‘‘. 

 

 

الكنيسة:
“لنحب بعضنا بعضًا لكي بعزم واحد نعترف مقرين بآب وابن وروح قدس”. المحبة شرط المعرفة ومفتاحها. هذا ما نتعلمه في كل قداس إلهي. وفي تلاقي المحبة والمعرفة هذا، يكتسب المصلون صفة أبناء الله ويتجرؤون “غير مدانين” أن يدعوا “أبانا”. وعندها فقط يصبح بامكان الجماعة الاشتراك “بخوف الله وإيمان ومحبة” في سر الشكر، فتتحد مع سيدها وتؤلف عندئذ الكنيسة. ومن ثم ينطلق المؤمنون كأبناء بدون خوف إلى العالم للشهادة لربهم الذي شاء أن يُخدم في اخوتهم البشر. ففي هذه العملية التي يعيشها كل مشترك فعليًا في القداس الإلهي، يتكون شعب الله ويحيا ويجدد التزامه. فالكنيسة هي هذا الشعب المجتمع والمشترك في جسد المسيح ودمه الكريمين. لذلك قيل قديمًا لمن سأل المسيحيين عن إيمانهم: تعال حيث تجتمع الجماعة للصلاة وانظر.

 

شعب الله
فممن يتألف شعب الله هذا؟

يضم شعب الله كل من اعتمد على اسم الآب والابن والروح القدس وبقي على التزام معموديته. هذا الانسان يدعى باليونانية Laicos، والكلمة مشتقة من Lacos التي تعني شعب. وقد ترجمت Laicos إلى العربية بكلمة “علماني”. فالعلماني إذن هو عضو في شعب مدعو إلى أن يصير شعب الله. وبالتالي الاكليريكي هو علماني أيضًا. والقول الذي شاع في هذه البلاد، منذ التشريع العثماني وإنشاء المجالس “الزمنية” أو “الملية”، بان هناك فئتين في الكنيسة منفصلتين هما الاكليروس والعلمانيون، هذا القول لا أساس له إطلاقًا في التقليد والرؤيا الارثوذكسيين. فالكل من جهة علمانيون ولكن من جهة أخرى جماعتهم هي أيضًا كلها جماعة كهنوتية إذ يقول بطرس الرسول في رسالته الأولى متوجهًا إلى المسيحيين: “أما أنتم فنسل مختار وكهنوت ملوكي وأمة مقدسة… وما كنتم شعبًا من قبل، وأما اليوم فأنتم شعب الله” (1 بطرس2: 5، 9، 10).

كل عضو في شعب الله يمسح بمسحة الميرون يصير مكرسًا لله وشريكًا كاملاً في كهنوت الكنيسة وخدمتها إلى العالم.

في هذه الوحدة الأساسية لشعب الله، روح الله يوزع المواهب المختلفة: “فهو الذي أعطى البعض أن يكونوا رسلاً والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين” (أفسس 4: 11-14).

وتلك المواهب تفرض خدمات خاصة يقوم بها بعض اعضاء الجسد لكي “ينمو الجسد كله” ويصل إلى “ملء قامة المسيح” (أفسس4: 13).

ومن هذه الخدمات الخاصة نلاحظ منذ عهد الرسل أن الروح أوجد في الكنيسة راعيًا ورعية.

فالراعي أو الأسقف مقام من الله، ضمن وحدة أبناء الله، لإتمام أسرار الكنيسة ورعاية شعبها والسهر على تعليمها، يعاونه الكهنة والشمامسة. أما باقي المؤمنين، فلكونهم يشاركون الأسقف في وحدة إنتمائهم إلى شعب الله واشتراكهم في الكهنوت الملوكي، فهم يشاركونه أيضًا خدمته هذه ويعاونونه في كل ما من شأنه تثبيت الجسد كله. فلا أعضاء من درجة ثانية في الكنيسة. شعب الله كله يحافظ على الإيمان، ليس الراعي وحده ولا الرعية وحدها.

سلطة الأسقف تمارس في المحبة والخدمة ورعاية كل أعضاء الرعية بالاحترام الكامل للمواهب التي أعطاهم إياها الروح. إنها سلطة في الكنيسة وليس على الكنيسة. وهي سلطة يحدها حكم الله وسلطان التقليد الشريف. وهذا يعني أن لا سلطة بدون سيادة لحق الله على الجميع.

هذه السلطة تقابلها طاعة واحترام لا يفهمان إلا بالمحبة. والصورة الفضلى التي تعطى للعلاقات بين أعضاء شعب الله الواحد هي صورة العائلة، فالأب والبنون أعضاء في كيان واحد، وهم يشاركون الطبيعة الواحدة. الأب لم يخلق الأولاد بل أقيم من الله وصيًّا عليهم لكي ينموا بالمعرفة والحق. مهمته الأساسية أن يجعلهم راشدين وأحرارًا من كل هوى وشفافين للنعمة الإلهية. هذا النمو لا يحصل إلا في جو المحبة والاحترام والتعاون المتبادل وليس بالاستبداد: لا استبداد الأباء ولا استبداد البنين. إذا نسي الأب واجباته أو أساء استعمال سلطته، فمن واجب البنين – إن كانوا راشدين- أن يذكروه بها وإلا يتنازلوا عن حقهم في الرعاية وعن مسؤوليتهم في جعل العائلة كلها، بمن فيها الأب، تستمر في النمو.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share