عيـد الدخول هذا يسمى باليونانية عيد اللقاء، لـقاء السيد مع هيكل اورشليم او مع سمعان الشيخ. يقدم يسوع أبـواه ويقربان عنـه ذبيحة ليُظهرا طاعتـه لشريعـة موسى. هـذا وجـه بشريتـه التي سيقدمها ذبيحة حقيقية على الصليب. عند ذاك التقيا شيخا كان الروح الـقدس أوحى اليه انـه لا يرى الـموت قبـل ان يعايـن مسيـح الـرب. فلـما اقتبلـه على ذراعيه قال: “الآن أَطلِقْ عبدك ايـها السيد“.
سمعان الشيخ رمز لليهوديـة التي شاخت. والـهيكل ايضا صورة عما كان عتيـقا في العـهد الـقديم وكان لا بد لـه ان يزول وقد تنبأ عـن زوالـه الـمعـلم بعـد ان طَرَدَ منـه باعةَ الحمام وقلَبَ موائـد الصيارفة. “ثم خرج ومضى من الهيكل” الى آلامه. آلامه وقيامته هي الهيكل الجديـد والـمؤمنـون بـه سيكونـون هياكل الله. وفيما كان يغادر السيد الـمكان تقدم تلاميذه لكي يُروه أبنية معبدٍ كان مـن اجمل معابد العالم. “فقال لـهم يسوع أما تنظرون جميع هـذه؟ الحـق أقول لكم انـه لا يُترك هنا حجر على حجر لا يُنقض”. اذ ما الحاجة الى هـذا الـمعبد اذا صرتُ انا بالـفداء الهيكلَ الأخيـر لله.
بـهذا العيد نعـلن اننا على عـهد جديد مع الله واننا نريـد ان تصبح قـلوبنا مكان اللقاء بـه.
هـذا لـه نتائج عملية في مـواقفنا مـن اليهـود. نحن معـهم في خصام لا ينتهي الا اذا اعتنقوا الإيمان الـمسيحي. حتى هذا اليـوم هـم أعداء ويسميـهم بـولس هكذا. ولا يستطيع احد ان يعطيـهم صك بـراءة مـن دم الـمسيح. هذا الصك سينالـونه اذا أَسلـموا للمسيح. كل من حاد عن الحقيقة قاتِلٌ للمسيح. الـمصالحة مع الله تتم بدم الـمسيح وبقبـولك موتـه خلاصا لك. هذا أمر شخصي لا علاقة لله مع مصالحات سياسية تتم بين الشعـوب. الـمصالحات إعلان عدم حرب، وهـذا اذا جرى بالكرامـة والعدل يصب في قضية السلام الـمنظـور، الـمترجَم بـوثائق مـن بعد مؤتـمـرات. ولكن سلام النـفـوس يـتم مـع الله.
مـن هـذا القبيل لنا خصومة لاهوتية مع اليهـود. قد تُحل الـمشكلـة السياسية بتهدئـة تقصر ايامها او تطول، بمصالح دول كانت متحاربـة وتعبت مـن الحرب. هـذا ليس شأن الـمؤمنين بيسوع. فالسلم السياسي شيء وسلام القـلـوب شيء آخر. وقلـوبنا نحن حـرة مـن البغـض لأي شعب ان لا يكفي ان نسامح اليـهـود وقد سامحنـاهم. ولكن غفـران الله لخطيئـة اليهـود لا يحصل الا اذا عادوا هـم عـن هـذه الخطيئة التي هي جزء مـن سر الإثم اللاحق بهم حسب منطـق الإنجيـل.
ينتج عـن هـذا ايضا اننا نكـره الصهيونية لكـونها تعبير عـن الـقومية الـمتطرفة الكارهـة للشعـوب الـمحيطـة بها وتعبير عـن انغلاق شديـد ولكونـها رفـضا للـعدالـة. انـه من واجبنا الديني -ولا اتكلم هنا عـن مـوقفنا الوطني- ان نرفـض الفـلسفة الصهيونيـة القائمـة على قمع الشعب الفلسطيني الـمقـهور الـذي لا يُسمح لـه بالعـمل وبأن يعيش على أرضه حرا. ألاّ تعتـرف بالآخر وبحقـه في الكرامـة هـو الظلم عينـه.
الـتعايش مع النظريـة الصهيونية تعايش مع نظرية تضرب بعرض الحائط الـمبادئ الإنسانية الأساسية. ان الـتلاقي الإنساني مع اليهود لا يكون ممكنا وهم فريسة هـذه الفلسفة. اما اذا تحرروا منـها وقاموا بلـقاء صادق مع الشعوب العربية الـمجاورة او البعيدة يكونون قد عادوا الى موقفٍ لاهوتيّ بحت. اذ ذاك يـبدأ بيننا الحوار حول طبيعة يسوع الناصري ومهمتـه كمسيح. نحن نواجه بحـق الـمسيح، ولا يـهمنـا موقفنا السياسي إلا مـن حيث انـه تعبير عـن مواجهـة لاهوتية هدفنا نحـن منـها دعوة اليهود الى سيدهم وفـاديـهـم.
العيـد دخول السيد الـى الهيكل الـقديم لإلغائـه وتجاوز اليهوديـة التي شاخت. العيد ان نمـد اذرعتنا ليسوع ونتقبـله وحده عليـها.