الصلاة للقديس يوحنا الذهبي الفم

mjoa Tuesday February 24, 2009 477

الخير الأعظم هو الصلاة، اي التكلُّم بدالة مع الله. الصلاة علاقة بالله واتحاد به. وكما أن عيني الجسد تُضاءَان عند رؤية النور، كذلك النفس الباحثة عن الله تستنير بنوره. ليست الصلاة مظهرًا خارجيًا، بل من القلب تنبع. لا تُحصر بساعات وأوقات معينة، بل هي في نشاط مستمر ليل نهار. فلا يكفي أن نوجه أفكارنا الى الله وقت الصلاة فقط، بل يجدر بنا أن نمزج هذه الأفكار بذكر الله تعالى، حين نكون مشغولين بأمور أخرى، كالعناية بالفقراء والعمل الصالح، لكي نقدّم لسيِّد الكون غذاء شهيًا مُصلَحًا بملح محبة الله.

الصلاة نور النفس، المعرفة الحقيقية لله، الوسيط بين الله والانسان. بها ترتفع النفس الى السماء، كرضيع مع أمه. تصرخ الصلاة الى الله، باكية، عطشى الى اللبن الإلهي. واذ ما تظهِر أشواقها الحميمة، تتقبَّل من الله هدايا أرفع من كل طبيعة منظورة. الصلاة التي بها نتقرَّب الى الله باحترام هي فرح القلب وراحة النفس…

الصلاة تقودنا الى الينبوع السماوي، تملأُنا من ذاك الشراب، وتُجري منا ينبوع ماء للحياة الأبدية. الصلاة تؤكد لنا الخيرات الآتية، وبالإيمان، تُعرفنا المعرفة الفضلى للخيرات الحاضرة. لا تَظُنَّ أن الصلاة تقتصر على الكلمات، انها اندفاع الى الله، حبٌّ غريب لا يأتي من البشر، على حد قول الرسول: “الروح ايضا يعضُدُ ضعفنا، فإنا لا نعلم ماذا نصلي كما ينبغي، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا تُوصف…”.

إن هذه الصلاة، اذا وهبَها الله لأحد، تُضحي غِنى لا يُسلب وغذاءً  سماويا يُشبع النفس. من ذاقها تملّكه شوق أبدي الى الله، كنار آكلة تضرم القلب.
فَدَعِ الصلاة تتفجَّر منك بملئِها، فتزيِّن، بلطافة وتواضع، مُخدَعَ قلبك وتجعله ساطعًا بضياء الحق، مصقولا بالأعمال الصالحة.

جَمِّلْ بيتك بالإيمان والنُبِل لا بالفُسيفساء، وضَعِ الصلاة في أعلى البنيان فيكتمل بها. وهكذا يصبح منزلك أهلا لاستقبال الرب، كأنه قصر ملكي، انت الذي، بالنعمة، تملك الرب، على نحو ما، في هيكل نفسك.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share