كلمة الأمين العام رينه أنطون في الذكرى السابعة والستين لتأسيس الحركة

mjoa Saturday April 4, 2009 285
ماذا يعني أن يأخذك بريق حركة الشبيبة الأرثوذكسية إلى حيث يكتسب أثرها فيك  هذا الموقع المتصدّر في مسار حياتك؟ وما الذي يشدّك، وآلاف الأبناء في كنيستك، إلى أن تضبط وجهتك باتّجاه السماء رغم ما تشدّك إليه الأرض وما فيها؟ وما الذي يجعلك أسير وجه كنيستك الحقّ، وجه الملكوت، رغم غضب التاريخ ورجاله، فيها، عليه وعليك؟ وما الذي يمدّ فيك جراح الجسد الذي، حقّاً، منه ولدت لتحجب عنك الحنين الى ترابية بها جُبلت؟
أسئلـة يصعب أن تحرّكها فيك عظمة محطّة زمنيـة وحسب، فالتاريخ مليء بمحطّات عُظمى مرميّة في مجاهل الزمان. سرّ السادس عشر من اذار أنّه انعتق من كونه زماناً واستحال حُباً استباح هيكلك، وفعل فعله وغاب، ليبقى نسله فيك. سرّه أنه اقتلع من عمقك الزؤان لتلوح لك صورة الربّ التي فيك وتطلّ منك على الآخرين إن تأهّلت.

ولذا فالجواب هو أن روح الله رماك في خاصّة مسيحه وصار بك غير من هو في خاصّة الدنيـا. دلّك الى طريق الخلاص  وأودعك أمانةً لدى حريّتك، المفتداة  غالياً، على رجاء أن تدرك أن في سماء هذه الحريّة تكمن قيامتك وفي أرضها يكمن موتك. أن تنتمي الى حركـة الشبيبة الأرثوكسية معناه أنك اخترت، على ضعفاتك، أن تفتح الباب للربّ وتكون إبناً، وأنت تشعر أن الكثير فيك وفي دنياك يغريك بأن تكون عبداً. فتصلّي وتصوم وتعلو بصوته في المحيط وترمي رجاءك عليه، وتدعوه الى افتقادك برحمته لتفعل فيك نعمته وتسعى بانتظار أن يزول عتبه عليك ويحكم على وفائك “لمحبتّك الأولى” عبر وفائك، أولاً، لما رماك بين يديه.
فمن وجوه وفائنا لمحبّة الربّ أن نفي الرؤية التي حملتنا الى أحضانه ما لها علينا. وفي العيد يدوّي صوت الله في آذاننا ليلفتنا الى حيث ينتظرنا، فنلبس الجدّة لنمسح من نفوسنا عتاقة التراخي والأنـا ونسلك طريق الابن الشاطر الى بيت أبيه ونثبت. ولأن بيت الأب محمول، في رؤيتنا، بحدّة الحبّ والنبوءة بات سبيلنا، في العيد، أن نتوب الى تلك الحدّة “لنُبرز كلام الله الذي في فمنا ونستدعي الحاضر الى أن ينطبق على مشيئته العليّة” حسب ما يقول المطران جورج خضر، فنفي، بهذا، الهياكل، التي  عبرتها الرؤية في طريقها الى القلوب، حقّها علينا.
أيها الأحبة، إذ أشعر اليوم بضرورة أن ألفت الى ما يُبعد عائلة الله عن مشيئة سيّدها، فليس من موقع الواعظ المتقدّم ولا لأرمي بهذا العبء عنّا وأوحي بأننا عن هذه المسوؤلية منزّهون. فيقيني  أن ما نشهده من بصمات في العائلة الكنسية الأنطاكية، لا توحي بتجلّي صورة الربّ فيها وتعكس شحّ التأثير النهضوي في مسارها، إنما من أسبابه الأهمّ أننا أغفلنا، في الحركـة، لاعتبارات شتىّ، أمر مسؤوليتنا اليوميّة، الشخصيّة والجماعية، عن شؤون هذه العائلة. لذلك إن شعر أحدكم، وقد تكونون كثر، بأنني أحدّثه بما لا يعرفه أو يعنيه فهذا دليل الى أننا، في الحركة، نرتكب خطأً كبيراً. هذا لأنني أحدثكم بما أنتم عنه مسؤولون. “فكلّ منّا مسؤول عن الكنيسة بكاملها” يقول المطران جورج خضر. ولذلك أذكّركم، مجدّداً، بأننا مهما نهضنا بحياتنا الحركية ، مهما تحلّينا بالسمات النهضوية، وساهمت تربيتنا ببناء الأشخاص، وتألّقنا بالفكر والتقوى والفضائل، فما لم نحصّن هذا بآفاق إنطاكية ونبن له مسرى الى مدى العائلة الكنسية فإن الأمر لا يخدم رسالتنا بملئها.
إن صمَتنا نحن النهضوّيين أو لهونا، بما يشدّنا بعضنا الى بعض، عن خطر أفول تأثير النهضة في الوجه المؤسّساتي لكنيسة أنطاكية، الذي نشهده اليوم، فنحن لا نخصّ النهضة بشيء. إن حجب الانغلاق عنّا ما يجرح ضمير الله في كنيسته، أو تعالى انفتاحنا عن العناية بما يخصّ حياة الجماعة الكنسية أو خاف فكرنا من أن يقول كلمة الحقّ في الباطل البارز فيها وحابى وصمت، فنحن منتحلون للهويّة النهضوية ولسنا روّادها. من هنا أتطلّع الى مقاربتي لشؤوننا الأنطاكيّة، اليوم، كدعوة لنا، جميعاً، قيادات، ونُخباً فكرية وإرشادية، وأشخاصاً، وآباءً ورهباناً، ومعلّمين الى التوبة عن إهمالنا الفعليّ لها، عن تلهّينا عنها وضعف تربيتنا عليها،  عن أيّ جنوح محاباتيّ، إذا وجد لدينا، خدمة لحسابنا على حساب يسوع المسيح. هي بمثابة  دعوة كلّ نهضويّ، انتظم في الحركة أم لم ينتظم، إلى ممارسة مسؤوليته الايمانية عن الحدّ من الوجوه التي  تغرّب العائلة الكنسية عما يرضي الله وتزيد جراح مسيحه. وصدّقوا أن هذه الوجوه كثيرة  أذكر منها، اختصاراً، أمامكم ما أراه الأهمّ وهو:

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share