الصوم للقديس يوحنا الذهبي الفم

mjoa Sunday July 19, 2009 387
  • إن من الواجب علينا أن نعرف مقاصد اصوامنا، فلا نكون كالتائهين في البحر، يتوهمون انهم الى المدينة قاصدون، وهم في متجه آخر هائمون. فإن قلتَ: ما الصوم في الحقيقة، أهو غير الامتناع عن الطعام وقتا محدوداً؟ قلتُ: الصوم هو الإمساك عن جميع الرذائل والتمسك بجميع الفضائل، بمنع النفس عن اللذات البدنية كالاطعمة والاشربة وسواها. وعلى ذلك قول الله للشعب اليهودي: “اذ كنتم تظنون أن الصوم هو الامتناع عن الطعام حتى الليل فقط، ثم تُقبلون على الطعام فتأكلون وتشربون… ها سبعون سنة مرت، ألعلكم صُمتم لي فيها صوما… وإن أكلتم وشربتم، أفلستم انتم تأكلون وتشربون؟
  •   ليس الصوم أن يضع الانسان نفسه ويحني عنقه ويفترش له مسحا ورمادا، بل أن تَحُل أغلال الإثم، وتقطع رُبُطَ الظلم، وتُجانب المكر والغش، وتُعتق المستعبدين، وتكسر خبزك للجائع، وتؤوي الغريب الى بيتك، وتُنصف الايتام والأرامل، ولا تتغاضى عن لحمك ودمك. فإن تفعل ذلك، فيشرق نورك في الظلمة، ويظهر بِرُّك سريعا… وتشبع نفسك من الخصب، وتصير كينبوع الماء الذي لا ينضب”.
  • أن يكون الصوم فقط امتناع عن الأكل هذا حطٌّ من كرامة الصوم. المطلوب في الصوم ليس الانقطاع بواسطة الفم، بل الانقطاع عن شيء بواسطة العيون والآذان، والأرجل، واليد، وكل الجسم. تصوم الايدي بالطهارة والابتعاد عن السرقة والبخل وعمل الرذيلة، والأرجل بالابتعاد عن المشاهد المحرمة. والعيون هو النظر، فاذا فُسد أبطل خير الصيام، واذا صلُح نفع الصوم. وانه لغريب حقا أن يمتنع الانسان عن مأكل ليس فيه شر بحد ذاته، وأن يمتنع عن نظرات تسبب له لذّاتٍ محرّمة. فاذا منعت عن فمك اللحم، إمنع بالوقت نفسه عن يمينك ما يضرها ويفسدها. أَلزم أُذنيك بصوم قاسٍ وذلك بالامتناع عن سماع النميمة والافتراء. قال الرب ابتعِد عن الكلام الشرير والخدّاع والكلام غير الحسَن، وانت لا ترضى. ماذا ينفعك بأن تمتنع عن أكل اللحم والسمك، اذا نهشت قريبك بلسانك المغتاب والمؤذي؟

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share