يصعب علينا أن نختصر عقود العمر في لحظة انتقال. يصعب أن نسرد كلّ ما سحرنا بك صغاراً وأحببناه فيك كباراً. يصعب أن نطوي صفحات حكاياتنا مع من روى بصوته وصورته نبتات حبّنا ليسوع المسيح وكنيسته. يصعب أن نتقبّل عرشاً أسقفيا، في كنيستنا، دون من أسكرنا بنبيذية الثياب وسحر الطقس والترانيم. يصعب علينا أن نلج “أسبوعاً عظيماً” دون الصوت الصادح “بموسى العظيم”. يصعب علينا أن نتخلّى عمّا، في ذاكرتنا، يشدّنا الى البقاء والعوم في جمال المسيح. لكنّ سرّ الكنيسة يبقى، أبداً، أنها ترفعك الى مسيحها بالألم. سرّهـا أنها تخمّر ألمك بخشبة الصليب لتمّد فيك هوى القيامـة. لهذا، سيّدي، لا ترانا، اليوم، حزانى. لهذا ترانا نتوثّب لنطرب، مع روحك وجثمانك، بالمسيح قام.
عهداً يا من سُدت في ضميرنا عمراً أننا سنحفظ ولن ننسى ما أردت. سنحفظ سيرة أسقف علّمتنا عُشرتُه أن الوداعة، في الكنيسة، تتصدّر على العلم والعلماء. سنحفظ سيرة أسقف تقبّل غيرتنا وانفعالنا وضعفاتنا بتواضع الكبار لا بكُبر “الصغار”. سنحفظ سيرة أسقف سُرّ لفرح الأطفال. سنحفظ سيرة أسقف لم يخف الحرية. سنحفظ سيرة أسقف وثق بالشباب. سنحفظ سيرة أسقف أحبّ الكنيسة ودافع عن الحقّ فيها. سنحفظ سيرة أسقف ارتاح الى خدمة مؤسّساته للفقراء. سنحفظ سيرة أسقف انتفض على كلّ ظلم. سنحفظ سيرة أسقف هاله العنف وجشع الكبار. سنحفظ سيرة أسقف علّمتنا مواقفه أن المسيح أرحب وأرحب مما نشاء.
وبعد، وأنت تلتقي مع أحبّاء حفظوا، معك، كنيسة المسيح وأحبّوها، صلّ معنا ومعهم، سيدّي، لتبقى كنيستنا مُصانةً بحبّ كبارها ليسوع المسيح على رجاء أن تنمّي ذكراك في كلّ منا هذا الحب. وإلى أن نلتقي في كلّ ذبيحة إلهية، تشفّع لنا سيّدي دائماً.