في التاسع من شباط ٢٠١٠ ، بارَكنا المطران سِلوان متروبوليت بوينس آيرس وسائر الأرجنتين، بزيارة الدير مع وفدٍ من إكليروس أبرشيّته. جرى إستقبال المتروبوليت ومرافقيه عند باب الدير، سار الحشد نحو الكنيسة تتقدَّمهم الشموع والصليب والإنجيل المقدَّس، فيما رتّل الرهبان «… بواجب الإستئهال » ودُقَّت كلُّ النواقيس ابتهاجًا.
في الكنيسة، اعترش المتروبوليت وأقيمت صلاة الشكر. بعد ذلك، ألقى رئيس الدير الأرشمندريت بندلايمون كلَّمةَ ترحيبٍ بالمتروبوليت الضيف، قال:
صاحب السيادة الموقَّر، هذه ليست أوَّل مرَّة تأتون فيها إلى هذا الدير المقدَّس، »لكنَّكم اليوم تزورننا ببركتكم الرسوليَّة، لتباركونا وتقدِّسوا هذه الجماعة الصغيرة التي نَمَت بنعمةِ الربّ، وتحاولُ أن تكون على قدر مسؤوليَّتها، إذ تعرفون تمام المعرفة أنَّ الحياة الرهبانيَّة لها دورٌ أساسيٌّ في الكنيسة الأرثوذكسيَّة، ولها تعمُّقٌ وتجذُّرٌ في التاريخ، خاصَّةً في هذا الدير المقدَّس، الذي يربو على الألف والستمائة سنة من الجهاد المقدَّس. حيث نأتي، نحن الضعفاء، لنرث أولئك الذين جاهدوا ببطولةٍ وبسالةٍ وقداسةٍ، بسيرةٍ عطرة. لكنَّ الحياة انقطعت، وبتدبيرٍ إلهيٍّ رجعنا إلى هذا الدير، ننشطُ بصلواتكم ودعواتكم، ونحمل هذا الإرث الذين نرجو أن نكون حاملينه كما يليق.
فنضرعُ إلى الربِّ أن يديمَ ثباتكم وقداستكم وعافيتكم، حتَّى تخدموا كلمة الربِّ في تلك البلاد البعيدة، التي انتشر فيها أهلُنا وتناموا إلى هذا اليوم، مع إخوتنا الكهنة الذين يرافقونكم في هذه الرحلة، وفي الرحلة الطويلة التي فيها تخدمون الربَّ في تلك البلاد. ونطلبُ إليكم أن تذكرونا دائمًا في صلواتكم، كما نحن نحملكم في صلواتنا. هكذا كلُّ الكنيسة تُخفِّقُ بجوانحها الكثيرة وتمجِّدُ الربَّ، وتدعوكم لكي تباركوا هذه الأخويَّة الصغيرة الناشئة بكلمةٍ مقدَّسة من فمكم المبارك.
فأهلاً وسهلاً بكم في هذا الدير، الذي كنتم واحدًا من أساساته، والربُّ يقوِّيكم دائمًا.«
وردَّ المتروبوليت قائلاً:
»باسم الآب والإبن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.
الإنسانُ يأتي إلى بيتِه. نحنُ آتونَ من الأرجنتين، وصدفَ بتدبيرِ ربِّنا هكذا في فترةِ التريودي. انطلقْنا في الأسبوعِ الذي يسبقُ الفرِّيسيِّ والعشَّار، وسوفَ نعودُ قبلَ مرفعِ الجبن. نشعرُ أنَّنا آتونَ إلى أرض، حتَّى نتعلَّمَ ونتدرَّبَ ونتقدَّسَ ونتنقَّى قليلاً لكي نستطيعَ أنْ نخدمَ البلادَ التي نطلبُ من ربِّنا أن يعطيَها كي تصلَ إلى عتبةِ القيامة. الكهنةُ المرافقونَ إيَّاي يعتبرونَ هذه الأرضَ أرضًا رسوليَّة، أرضَ العهدِ الجديد. هذه الزيارةُ بالنسبةِ إليهم هي كالحلم. حلمٌ أنْ يتعرَّفوا عليكم ويتباركوا بصلواتِكم، ويروا شركةَ المحبَّة، هذه الشهادةَ الكبيرة، التي تضمُّنا كلَّنا معًا، ولكن، نحنُ بعيدونَ عن مثالِ القدِّيسينَ والآباءِ الذين سبقونا.
جئنا من الأرجنتين ببساطة، ليس لدينا الكثير، ولكنَّنا نريدُ أن نحملَ زادًا منكم كما حملْنا من أماكنَ أخرى، كي تكونَ خدمتُنا أفضل. قد نفتقدُ لكثيرٍ من الأشياءِ الموجودةِ في بلادنا. بالنسبةِ لأهلِنا هنا، هي بسيطةٌ وطبيعيَّة. أمَّا بالنسبةِ لتلكَ البلاد، فهي نادرةٌ وغير موجودة. ولكن كما يقولُ بولس الرسول، وهي بالفعلِ تظهرُ هكذا « قوَّتي في الضعفِ تكمل».
في المكانِ الذي يكونُ فيه العضوُ ضعيفًا، يُكرمُه ربُّنا بنعمتِه وبسببِ محبَّتِه ورحمتِه أكثرَ من أيِّ شيءٍ آخر. وهذا ما نشعرُ به بالحقيقة: إنَّنا لا نستطيعُ أن نعملَ الكثير، لكنَّه أكرمَنا زيادة. ولقد أكرمَنا أكثرَ بوصولِنا إلى ديرِكم الذي نحبُّه ولشخصِكُم امتنانٌ كبيرٌ لا أستطيعُ أنْ أرُدَّه لكم، لكنِّي أعرفُ أنْ أردَّه بالخدمةِ لغيرِكم. وأحدُ هؤلاء الذين أخدمُهم هم الكهنةُ المرافقونَ لي. هم أشخاصٌ يحتاجونَ لهذه الفرصةَ في حياتِهم كي يكتشفوا ما تعرَّفتُ عليه، والذي لا أعرفُ عنه الكثيرَ ولم أتعلَّمْه حتَّى، ولكن أحاولُ أنْ أترجمَه لهم وأعرِّفَهم عليه. عسى، بقوِّةِ ربِّنا وبصلواتِكم، أنْ تنموَ هذه البذار فينا، ودائمًا نكونَ عائلةً واحدةً، هذا الفكر، الذي هو فعلاً فكرُ الكنيسة: فيها حياةٌ واحدةٌ وفكرٌ واحد، وهو أنَّنا نريدُ أنْ نخدمَ ربَّنا وكنيستَه، ونخدمَ إخوتَنا هاتَين الوصيَّتَين: محبَّةُ الله ومحبَّةُ الآخر. ونرجو أنَّ تنقلوا الحياةَ التي عيشوا هنا بصلواتِكم وتوبتِكم، أنْ تنقلوها إلى جسمِ الكنيسة، وهكذا نتقوَّى ونأخذُ بركةً كما يقولُ لنا القدِّيسون، فالقدِّيسُ سِلوان يحدِّثنا عن القدِّيسين وعن بركةِ الصلاة. بركةٌ كبيرةٌ لنا أنْ نرافقَكم في هذَين اليومَين اللذين سوفَ نمضيهما معكم، شاكرين لكلِّ محبَّتِكم وصلواتِكم التي لا تنسونَ أنْ تذكرونا فيها، كما أنَّكم تذكرون كثيرين غيرَنا. فرحٌ وتعزيةٌ لنا. سوفَ أُترجمُ لاحقًا كلمتَكم للكهنة، لأنَّهم لا يفهمون العربيَّة.
شكرًا لكم، والربُّ يباركُكم«.