“Sainte Russie, L’Art russe des origines à Pierre le Grand, Louvre, Musée du Louvre Editions, Somogy Editions d’Art. 2010”
هذه الأيقونة التي تعود برسمها إلى سنة 1530 هي من محفوظات متحف كيريللوف الروسي و تأتي إلى باريس من رحم إيقونوسطاص كنيسة دير أرثوذكسي روسي هو دير القديس ثيرابونت، تتميز عن غيرها من أيقونات أكسيون إستين بالتكريم الذي تُفرده لمقام القديس يوحنا الدمشقي الذي وُضع في الأيقونة خارج صف الرسل و الأنبياء و القديسين. و هنا تجدر المقارنة مع أيقونة الشمال، التي ُعرضت في باريس سابقا في متحف النقود، و حيث نرى القديس يوحنا الدمشقي على اليمين يَؤم مجموعة من القديسين و أمامه على اليسار القديس أنطونيوس الكبير، أبو الرهبان، يؤم مجموعة أخرى و لكن كلاهما على نفس الصف.
كيف لا يُكرَّم القديس يوحنا الدمشقي و هو هذا اللاهوتي الكبير من كنيسة أنطاكية في القرن الثامن. و نراه على أيقونة اللوفر ُمنفردا بقرب عرش والدة الإله و هو حامل للفيلاكتير الذي كتب عليه ترتيلة “إن البرايا بأسرها” التي هي من تأليف الدمشقي و التي تُرتل في قداس القديس باسيليوس.
3. اكتشاف آخر كان من صيد زيارتي للمعرض، هو مشاهدة المخطوطة الأصلية “لطوموس” البطريركية المسكونية في القسطنطينية الذي بموجبه تم منح متروبوليتية موسكو الإستقلالية و تم رفعها إلى مرتبة بطريركية و كنيسة محلية مستقلة. المخطوطة تعود إلى 1590 و هي من محفوظات بطريركية موسكو. مُجَرَّد ُمشاهدة هذه المخطوطة و التأمل بها و بالتواقيع التي عليها رسماً، هو بحد ذاته سفر بالتاريخ حيث يحملك التأمل إلى تصور كيف وضع كل من الموقعين على هذا الطوموس التاريخي، توقيعه عليه و هو يَحوي تواقيع ثلاثة بطاركة، القسطنطينية، أرميا، و أنطاكيا، يواكيم، و أورشليم، صوفرونيوس، و تواقيع 42 متروبوليت و 19 رئيس أساقفة و 20 أسقف ! لا أكثر و لا أقل !
كنوز أخرى يُمكن إكتشافها في هذا المعرض “روسيا المقدسة، الفن الروسي من البدايات إلى بطرس الكبير”، منها مثلا عظمة أيقونة المجمع المسكوني السابع الذي أعاد تكريم الأيقونات و أيقونة العذراء في الحديقة المُغلقة.
1. أليس هو البطريرك يواكيم الإنطاكي الذي أضاف توقيعه على توقيع البطاركة، إرميا القسطنطيني و صوفرونيوس الأورشليمي، على طرس تأسيس الكنيسة الروسية كبطريركية مستقلة و التي كانت سابقا متروبوليتية للبطريركية المسكونية ؟ فغبطة بطريرك أنطاكية الحالي، الحبيب بالرب إغناطيوس الرابع هزيم، أطال الله بعمره، ُيخَبَّر “أن بطريرك أنطاكية يواكيم الذي قام بزيارة موسكو في 1586 دعم طلب القيصر غودونوف تحويل كنيسة روسيا إلى بطريركية. و هو الذي أثار المسألة مع البطريرك القسطنطينية أرميا الذي زار بعد ذلك روسيا في 1589 و ساهم في انتخاب أيوب، أول بطريرك للكنيسة الروسية
2. أليس البطريرك ميتوديوس الإنطاكي الذي إشتكى للروس عن ظلم العثمانيين و أوفد المطران نيوفيتوس مطران بعلبك طالبا مساعدة الكنيسة الروسية و الشعب الروسي الأرثوذكسي مما ساهم حينها في تأسيس الأنطش الأنطاكي في موسكو في سنة 1848 و الذي لا يزال قائما حتى يومنا هذا و يرعاه المطران نيفن صيقلي بجدارة منذ سنين طوال ؟
3. أليس هو المُطوَّب البطريرك غريغوريوس الرابع حداد، أحد أكبر بطاركة إنطاكية في القرن العشرين و الذي سُمِّي “أبو الفقراء” و هو ثاني بطريرك من أصل عربي منذ 1724 بعد البطريرك ملاتيوس الدوماني ، أليس هو الذي ترأس في موسكو في 1913 بناء لطلب القيصر الروسي نيقولا الثاني، احتفالات اليوبيل 300 سنة لاعتلاء عائلة رومانوف العرش في روسيا ؟ و يبدو أنه عاد من روسيا مصطحبا عشرة رهبان روس و سلَّمهم دير مار الياس شويا في المتن و هم رهبان ذاع صيتهم في الجبل حينها بين الأهالي لما عرفوا من تقوى و نسك و محبة لكنيسة المسيح و هم اضطروا للعودة إلى روسيا بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى ؟
4. أليس بطريركنا الحالي، غبطة إغناطيوس الرابع هزيم، أطال الله بعمره، هو الذي ترأس وفد الكنيسة الإنطاكية للمشاركة في 1988 باحتفالات الألفية الأولى لمعمودية الروس ؟
5. هكذا يُلخص غسان تويني، إحدى الشخصيات الأرثوذكسية الإنطاكية اللبنانية، مؤسس جريدة النهار و هو وزير سابق و سفير سابق و رئيس لجامعة البلمند الأرثوذكسية، العلاقات الروسية الإنطاكية:
“منذ 1584، زار البطريرك يواكيم الإنطاكي سان بيترسبورغ و موسكو و هو قد ربط ثانية في علاقات يقول الكثيرون من المؤرخون، أنها تعود إلى بدايات القرن الثالث عشر، فكنيسة إنطاكيا تتمتع بأسبقية تقدم على موسكو. أكثر من ذلك فإن السفر إلى الأراضي المقدسة كان تقليدا منذ عدة قرون، عند الحجاج الروس الذين كانوا يواجهون، في الطريق، ألوف من المصاعب و المطبات. و هكذا إنضمت العائلة المالكة في روسيا إلى الكنيسة الروسية من أجل تأسيس “الجمعية الملكية الروسية الأرثوذكسية في الأراضي المقدسة” التي أخذت على عاتقها أن تيني و تأسس بدء من منتصف القرن التاسع عشر، مستوصفات و أشفية و مدارس و أديرة. دورها، الذي توقف بفعل الثورة السوفيتية، كان مهما في ميادين التعليم حيث لم يكن بإمكان الأرثوذكس الاستفادة بصورة مجانية و منزهة عن كل مصلحة، من المدارس التي كان أسستها الإرساليات الأجنبية للكنيسة الكاثوليكية. ربما من المهم أن نشير أن الجمعية الملكية الروسية باشرت من جديد و أن بشكل متواضع، نشاطاتها الثقافية .”
سوف نعود مستقبلا في اليوميات الإنطاكية للإضاءة على بعض جوانب العلاقة بين بطريركية أنطاكية و بطريركية موسكو.
بعض من صور المشاركة الأنطاكية في احتفالات الألفية الأولى لمعمودية الروس سنة 1988