القدّيس المجيد النبي إيليا الغيور
هو شيخ الأنبياء في العهد القديم بلا منازع، ونموذج الغيرة الإلهيّة في زمن شحّت فيه عبادة الله، وانصرف الأكثرون إلى ما درج في عبادات البعل وعشتروت.
لم يكن موقعه في وجدان الهيود، على مدى تسعة قرون، عاديًا كسائر الناس، حتى قيل إنّ أباه، لحظة ولادته، عاين رجالاً اتّشحوا بالابيض يشتملونه بأقمطة من نار ويطعمونه لهباً، نسبة إلى الغيرة الإلهيّة الّتي أكلته مدّة حياته. وفي التلمود اليهوديّ، كتب أنّه الملاك أو رسول الربّ الذي صعد إلى السماء بعدما قدّم لجدعون تقدمته أمامه فمسّها بالعكاز وصعد في لهيبها إلى السماء.
بالحديث عن موقعه في عبادة إسرائيل، لم يسقط البتّة، حتى كانوا يضعون له كرسيّاً شاغراً عند ختان كلّ صبيّ في إسرائيل وفي الفصح، معلّلين النفس بظهوره بغتة. والعالم اليهودي توسّع في أخبار عجائب النبي ايليا، واهتمّ بمناقشة أصله وصعوده معتبراً إيّاه بلا خطيئة. وقد حسب من الملائكة واعتبر كمساعد للمؤمن في أوقات الشدّة.
إيليا، الاسم، يعني “إلهي يهوه” أو “إلهي إله العهد”. أمّا مدينة “تشبه” الّتي ولد فيها ليس موقعها معروفاً تماماً. ثمّة من يقول إنّها بلدة في الجليل، في سبط نفتالي، وآخرون أنّها في جلعاد شرقي الأردن، تجاه السامرة. أنّى يكن الأمر فقد كان رجلاً يألف حياة الجبال ويتّسم بالصلابة والشجاعة وقوّة الاحتمال. والمرجّح أنّ فترة نبوّته امتدّت قرابة العشرين عاماً وأنّه صعد إلى السماء في حدود العام 900ق.م.
ظهور إيليا كان في أيام آحاب. هذا مَلكَ على إسرائيل في السامرة إثنتين وعشرين سنة. سفر الملوك يقول عنه إنّه عمل الشرّ في عيني الربّ أكثر من جميع الذين قبله، ومردّ شرّه، بخاصة، اتخاذه إيزابيل، إبنة ملك الصيدونيين امرأة. هذه كانت قويّة الشكيمة. جعلت في قلبها، أن تمحو، من إسرائيل، عبادة الإله الحيّ ، لذا عمدت إلى هدم مذابح الله وقتلت الأنبياء وأحلّت محلّهم أنبياء البعل، وأجبرت الناس على الإنحناء للبعل وعشتاروت.
… وكانت المواجهة بين إيليا النبي وأنبياء البعل إذ قتل عدداً كبيراً منهم وهرب من وجه الملكة إيزابيل إلى بئر سبع فإلى البرّية. وعاله ملاك الربّ ومشى حتى وصل إلى جبل حوريب، حيث دخل المغارة، وبات فيها، وهناك تاب عمّا اقترفته يديه من خلال قتل هؤلاء الأنبياء. في الوجدان أنّ ايليا لم يمت. لذلك ظُن على امتداد التاريخ، أنّه عائد. لكنّ الأمر غير صحيح بل أنّ الربّ نقله إلى مكان مجهول ولم يعرف أحد كيف رقد بالربّ ولا الزمن الذي رقد فيه.