كنيسة المؤمن عروس الرب المصلوب والقائم من الموت

mjoa Thursday February 17, 2011 214

يعلمنا بولس الرسول منير المسكونة أنّ الكنيسة هي جسد المسيح، وبالتالي فالمسيح يجعلنا أعضاء في جسده وبذلك نشترك في حياته الإلهيّة.

ففي الأسرار المقدّسة وخاصة سري المعموديّة والمناولة نشترك مع المسيح ننتمي إلى جسد المسيح وحياة المسيح بأكملها تساعدنا أن نتحد في جسد الرب فنصبح أحياء وأعضاء أصحاء فيه.

لكن المسيحيّ الذي ينقطع عن الكنيسة يموت روحيّاً ويجفّ لأنّه لا ينهل من حياة المسيح لأنّ المسيحيّ ليس هو ذلك الذي يقبل المسيحيّة كأقوال وأفكار ونظريات بل هو ذلك الذي يتحد مع المسيح داخل جسده لهذا يشدّد الآباء القديسون أنّه لا خلاص بغير الكنيسة.

إنّ الذبيحة الإلهيّة هي مركز حياتنا الكنسيّة والمسيح نفسه يقدّم لنا حياته بجسده ودمه لنتحد معه. فالمؤمنون يأتون إلى الكنيسة في أوقات أخرى غير القدّاس الإلهي لكي يخدموا الأب السّماوي والفادي المصلوب والقائم من الموت والرّوح القدوس.

تهيّئُنا الصّلوات الموجودة التي رتبتها الكنيسة كصلاة الغروب والسّحر والنوم ونصف الليل للاشتراك في القدّاس الإلهي وتساعدنا أن نعيش بالروح في القداس الإلهي فنطعم زمان حياتنا الأرضيّة المؤقتة بأبديّة ملكوت الله.

ففي الصّوم الأربعيني نرتقي تدريجيّاً من خلال الخدمات المسائيّة للتواضع للتنقيّة للصلب والقيامة بالرّب يسوع المسيح. بدون هذا التّحضير لا نستطيع الاشتراك في الآلام المقدّسة والقيامة المشعة فنعيد بمظاهر خارجيّة وتبيكونياً ونبقى بحسب القديس غريغوريوس بالاماس: غير محبوبين ذلك الحبّ الواضح والشاهد.
إنّ المسيحيّة لا تروي بالعمق رغبة الإنسان الخلاصيّة العميقة بدون الحبّ الإلهي.

وكمقال على الطريقة التي تجهزنا الكنيسة للامتلاء من نعمة تسابيح روحها القدوس نورد استيخن غروب الأربعاء قبل أحد الشعانين: “هلم أيّها المؤمنون نغاير مريم ومرتا مقدمين للرب أعمالاً إلهيّة كشفعاء ليوافي وينهض عقلنا المنطرح ميتاً بمرارة في رمس التواني بغير حسّ الذي لم يشعر البتة بالخوف الإلهي ولم يمتلك الآن فعلاً محيياً ونهتف قائلين انظر إلينا يا ربّ كما أقمت صديقك لعازر وقتاً ما أيّها الرؤوف بحضورك الرّهيب هكذا أحي الجميع وامنحنا الرحمة العظمى.

إذن لنتشبّه بمريم ومرتا اللتين أرسلتا ودعتا يسوع لكي يخلصا أخوهما المحتضر لعازر من الموت ونحن أيضاً عندما يرقد لدينا شخصاً ما يكون لدينا خوف في ذهننا من الموت وبسبب الإهمال ليصبح لدينا عدم الحسّ فلا نشعر مُطلقاً بخوف الله ولا يصبح عندنا طاقة حيويّة أي النعمة الإلهيّة.

لنرسل كرسل لكي ندعو يسوع بأعمالنا الحماسيّة صارخين انظر يا رب وكما قديماً أقمت صديقك لعازر باهتمام كبير هكذا أحيينا جميعاً مانحاً إيانا رحمتك العظمى.
في الأسبوع السّادس من الصوم نسير مع يسوع نحو لعازر المريض، لكن لعازر هو كلّ واحد منّا ولديه حاجة يوميّة ومباشرة لذاك الذي انتصر على الموت. إنّ ذهننا المنفصل عن الله يلتصق بشكل فظيع بالأشياء الزائلة والفاسدة وبذلك يتشتت (الذهن) ويموت. فلا يمكن أن يحكم أكثر من خلال وجودنا وبدون الذهن والمستنير والمترئس يصبح الإنسان عبداً لأهوائه وللشياطين “لأنّ الذهن يعصى ويبتعد عن الله وبحسب القديس غرغوريوس بالاماس “البهيمي يصبح شيطاني”.

والسؤال هنا: هل نتمكّن وحدنا أن نقيم ذهننا الميت بذلك نتحرّر من محبة الذات والأنانيّة.
إنّ يسوع الإله المتأنس وحده المنتصر على الموت يرفعنا الآن من الأهواء ومركزيّة الأنا ومن الحياة الحاملة الموت وكما أقام لعازر سيقيم أجسادنا في المجيء الثاني والقيامة العامة ولهذا نرتّل في سبت لعازر وأحد الشعانين:
أيّها المسيح الإله لما أقمت لعازر من بين الأموات قبل آلامك حققت القيامة العامة لذلك ونحن كالأطفال نحمل علامات الغلبة والظفر صارخين نحوك يا غالب الموت: أوصنا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرّب.

واليوم ولسوء الحظ يقتصر المسيحيون المنتمون للكنيسة على متابعة القدّاس الإلهي أيام الآحاد وأيام الأعياد الكبرى للأسف دون الاشتراك في صلوات الغروب والسحريّة وهذا ليس فقط بسبب عدم وجود الوقت الكافي وإنّما لجهل الناس بمدى أهميّة إمكانيّة الاشتراك المنتظم في العبادة الكنسيّة، هكذا لا نترك الكنيسة لنزف إلى عروس المسيح.

ولا نحوِّل بذلك التحوّل الحسن لنتمثّل بالمسيح أي أن نعطى صبغة المسيح ونصبح مشابهين صورة ابنه ليكون بكراً بين أخوة كثيرين”.
فنحن المقيمون خارج الحياة الليتورجيّة للكنيسة نظلم أنفسنا كثيراً ولا ندع الكنيسة تساعدنا لأنّ نُصلب ونقوم مع المسيح. جوهريّاً نبقى بدون المسيح لهذا نبقى بدون قيامة بدون فرح بدون سلام ومحبّة. فالعالم الذي نعيشه كلّ يوم بروح محبّة الذات والأنانيّة يفصلنا عن الله وعن إخوتنا فالذين هم داخل الكنيسة يشتركون في حياتها ويتنشقون “نسيم من نوع آخر”. ويعيشون في عالم آخر عالم المحبّة عالم محبّة الألوهة ومحبّة الناس فنتفهم عللنا ونتحرّر من حياة العالم (المقترنة) الميتة وننطلق لحياة المسيح الحقيقيّة.
إذن المعونة العظمى لنا كلنا هي اشتراكنا الفعلي في عبادة كنيستنا.

وعندما نتمكن من الاشتراك في حياة الكنيسة نتابع الخدمات الكنائسيّة في بيوتنا كالسحر والغروب وصلاة النوم لنعيش ونعبد الله ليس شخصيّاً وإنّما كنائسيّاً مع كلّ القديسين “هلم إذن جميعنا” لنسِر  مع ربّنا يسوع المسيح المحبّ البشر نحو الآلام الطوعيّة، نسير معه بفكر نقي ونصلب ونموت معه لكي نعيش معه…”
كم هي جميلة تلك القطع والأفاشين المكتوبة من أجل أنفسنا ومن أجل إخوتنا أيضاً.
أن نصلب ونقوم مع الرّب يسوع الحلو.

المسيح قام… حقاً قام

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share