هيكل الله

mjoa Monday January 30, 2012 213

 بعـد أن فصل بولـس بين المؤمن وغيـر المـؤمـن في الرسـالـة الـثـانيـة الى أهـل كـورنـثـوس، وصل الى القـول: “انتم هيكـلُ الله الحـيّ” مشيـرًا الى أن الله لا يسكـن في هياكـل مصنـوعـة بالأيـدي، والى تخـطّـي هيكـل اورشليم. يـؤسس هيكليـة المسيحييـن الحيّـة على وعـد مـن العهـد القـديـم: “سأَسكُـن فيهـم (اي في الشعـب المختـار) وأَسيـرُ بينـهم وأَكـون لهـم إلهًا وهُم يكـونـون لي شعبـًا”. هنا لا يقـول ان كل فـرد مسيحـيّ هيكـل اللـه ولكن الكنيســة، مرتـبطـة افـرادها بالنـعـمـة، هي هيكــل الله.

كلام بـولـس مأخوذ من سِفْر اللاويين: “وأَسيرُ بينكـم وأكـون لكـم إلهـًا وانتـم تكـونـون لـي شعبًـا” (26: 12). وكذلك هذا الكـلام مستند الى حـزقيـال: “ويكـون مسكني فـوقهم وأَكـون لهم إلها ويكـونـون لي شعبـا” (37: 27). يستـنـتـج بـولس من هذا أن اخـرُجـوا مِن بينهم (اي من بيـن الوثنييـن) واعتـزِلوا. ليـس القصد من هذا التقـوقـع الاجتمـاعـيّ وتـأليـف طـائفـة معاديـة للـوثـنيين، ولكـن المـقـصود أن تنفصلــوا عن نجـاستهـم، وإذا أَدركـتـم هـذه الـنـقـاوة تـكـونـون لـي بنيـن وبنات. فكرةُ أنّ الله أبٌ موجودة قليلا في العهد القديم. ثبّتها يسوع وتُوضحُها الصلاة التي علّمَنـا إياها “أبانـا الذي في السمـوات”.

مـوعد أن نكـون بنيـن وبنـات للـرب مشـروط بأن “نُطهّر أنفسنـا مـن كـل أدنـاس الجسـد والروح”. غالبًـا ما يـريـد بدنس الجسد الشراهـة والسُـكر والـعـلاقـات الجنسيـة خارج الزواج. أدنـاس الروح تتضمـن كل الشهـوات المـؤذيـة التي لا عـلاقـة لها بالجسد (الـكـذب، البـغـض، الأحقـاد، الخبـث وكل ما يصدر عن الـنـفـس ويؤذي الآخـرين).

وإذا عملتم هذا فهذه هي القداسة مقرونة بخوف الله. يطلب الرسول أن نكون قدّيسين كما أن الله قدوس، منزّهين عن كل شر أو شبه شر.

كلـمة “قـديـسيـن” لم تكن في الزمن الرسوليّ تـدلّ على الـذيـن صاروا فـي السمـاء وطـوّبـتـهـم الكنيسـة. إنها تدلّ على كل المعـمـّديـن الـذيـن رجـا بـولس ألاّ يُخطئوا بعد المعمودية لأنها عهد مع الله وارتبـاط بـه جـدّيّ.

تتميّزون أنتم بنوعية الحياة الجديدة. انتم في سلوككم تُصبحون على مثال الله وإن كان لا مفـرّ من الهفوات. النقـاوة الكاملـة قبل حلول الملكـوت هي شيء نرجـوه ونعمل لـه، ولكن ليـس من إنسان لا يخطئ. مع هذا يُصرّ بولس على أننا بتنا خلائق جديدة وأننا بالمعمـودية قائمون مع المسيح الآن وليس غدًا. عند بولس حياتنا السماوية تبدأ هنا، وليس من ثُنائية بين سلوك أرضيّ وسلوك في الملكوت. “ملكوت الله في داخلكم”. ليس عندنا من تفريق بين الحياة الدنيا والحياة المُقبلة علينا بعد الموت. كل وجودنا مملوء بالمسيح منذ اليوم. حُبّنا للمسيح يُنزل علينا حبّه لنا. وهكذا نكون معًا هيكل الله الحيّ.

رَعيّـتي تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share