تجليات دمشقية خاص أسرة الإعلام:الأحد الخامس من الصوم

mjoa Sunday April 1, 2012 279

(مرقس10: 32 – 45):  في هذا المقطع الإنجيلي يصور لنا البشير مرقس مسيرة روحية منطلقة من الأسفل باتجاه الأعلى من الأرض الى السماء مسيرة تذكرنا بمسيرة أخرى انطلقت قبلها منذ ما يقارب ال33 سنة من الاتجاه المعاكس أي من السماء الى الأرض من الأعلى باتجاه الأسفل , قائد المسيرتين واحد هو السيد المسيح له المجد. إن القادة عموما هما نوعان: الأول يقول لأتباعه اهجموا وهو يكون في الخلف والثاني يقول لأتباعه اتبعوني وهو يكون في الأمام, السيد المسيح له المجد كان من النوع الذي يتقدم المسيرة. تحرك السيد تاركا السماء وما فيها من مجد آتياً إلى الأرض وما عليها من شر.
اندهشت الملائكة من هذا التحرك ولم تفهم معنى هذا التحرك وهنا أيضاً في هذا المقطع يسوع يتحرك واللذين حوله يندهشون غير فاهمين معنى هذا التحرك. ولكننا عندما نكمل قراءة المقطع نجد الجواب في آخر آية (45) لأن ابن الأنسان لم يأت ليُخدم بل ليَخدم. عندها نفهم أن ما كان يحرك السيد هو الحب, الحب الباذل الحب الفادي الحب الذي لا يسأل ما لنفسه فأن الحب ليس مجموعة مشاعر بل الحب هو قرار فلو كان الحب مبني على شعور فقط لكان عرضة للتبدل والتغير بتبدل الظروف. ولكن لو كان الحب مبني على قرار فلن يتبدل أو يتغير لأنه هكذا أحب الله العالم فخلقه على صورته كمثاله متخذاً القرار قائلاً في نفسه سأخلقه هكذا سأخلقه حراً حتى ولو كلفني ذلك أن أموت من أجله. ما يميز إنجيل مرقس أننا نرى السيد دائماً متحركاً عاملاً لا يرتاح منتقلاً من مكان الى آخر والجميع يمشون خلفه. هنا في هذا المقطع نراه هكذا و محدداً بدقة متناهية ما سيحدث في سبعة نقاط:
1. موضحاً الوجهة (ها نحن صاعدون إلى أورشليم) ليس إلى مكان آخر يشبهه.
2. ابن الإنسان يسلم الى رؤساء الكهنة و الكتبة.
3. فيحكمون عليه بالموت.
4. ويسلمونه الى الأمم.
5. فيهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه.
6. ويقتلونه.
7. وفي اليوم الثالث يقوم.
هكذا فعندما يحدد السيد الأحداث التي ستجري بعد قليل بهذه الدقة إنما ليقول لنا أمرين : الأول أنه عارف وفاهم وقابل ما سيحدث، والثاني لكي لا نخاف عندما يحدث ذلك ولا يتزعزع ايماننا .
اذا عدنا لبداية المقطع لنتأمل بتلك المسيرة نرى يسوع يتقدمها و الجموع خلفه منهم من هو مندهش و منهم من هو خائف ومنهم من هو غير فاهم وهنا نرى اثنين منهم وهما من أهم التلاميذ يوحنا وأخيه يعقوب يقتربان ويطلبان من السيد طلباً قد يبدو محقاً ومنطقياً و نحن نتمناه أيضاً لأنفسنا، ولكن السيد طرقه ليست كطرقنا وأفكاره ليست كأفكارنا، لهذا نراه وهو عارف جواب الأخين يسألهما عن مدى محبتهما له و عن مدى استعدادهما للشهادة له فيجيبان بسرعة أنهما مستعدان. السيد يؤكد ذلك ولكن يا للعجب يا لعمق حكمة السيد ومحبته. لم يقل لهما صراحة أنكما ستجلسان الواحد عن اليمين والآخر عن اليسار. وأيضاً لم يقال لهما أنهما لن يجلسان عن اليمين واليسار. وذلك ليبقيا على جهادهما من ناحية و من ناحية أخرى لكي اتجشع أنا وأجاهد الجهاد الحسن لعلي أحظى.بالجلوس عن يمين السيد له المجد الى الأبد, آمين

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share