تجليات دمشقية: ” شفاء المجنونين “

mjoa Saturday July 7, 2012 202

يستطيع الإنسان اليوم أن يلتقي بكثير من الناس الذين بهم شياطين الأفكار ولا يستطيع أي شيء أن يردعهم عن سلوكهم الشاذ، لا الحديد ولا السلاسل ولا كثرة الناس ولا الإرشادات أو النصائح ولا الخوف او التهديد أو أي شيء مشابه. ويمكن لنا القول أن الذي لا يردعه شيء بل هو منجرف بنزع هواه القوية لكل عمل شرير هذا لا يختلف أبداً عن الرجل الذي به شيطان فيتجول عرياناً مثل ذاك لابساً ثياباً لكن غير مرتد الثوب الحقيقي ، عرياناً من كل مجد يليق به ، لا يجرح جسده بالحجارة بل بالخطايا وبالإصرار عليها. من يستطع إذاً أن يقيّد مثل هذا الإنسان ؟ من يستطع أ، يضع حداً لشره ولإزدرائه الذي لا يسمح له أن يؤنب ذاته؟ بل هو موجود دائماً في القبور ممتلئاً رائحة كرهة.


الإنجيل اليوم يعلّمنا أن الرب يسوع وحده قادر أن يخلص هكذا إنسان من هذا القبر الكريه، من هكذا وقاحة قد ظهرت جلياً بتصرف المجنونان أمام الرب والناس. فما إن ضر الرب حتى جمدوا كالحائط وأخرجالرب منهم الشياطين معلماً إيانا عن عظمة الشر الناتج عنالشياطين الحاسدين للناس وأنهم لا يستطيعون شيئاً بدون سماح الرب وأن هؤلاء الشياطين تستطيع أن تسبب لهؤلاء الناس شروراً أرهب مما حدث للخنازير إن لم يصونوا نفوسهم وإلى درجة كبيرة في وسط شقائهم وبعناية الله. وهكذا كل واحد منا يتمتع بعناية الله الفردية والمميزة بقدر يتناسب مع فائدة كل واحد منا. وهنا تظهر رحمة الله العظيمة بأنه لم يسمح لتلك الشياطين أن تخنق الرجلين ولكنه يسمح بإظهار شرهم بخنقهم قطيع الخنازير. ومع ذلك يجب علينا أن ننتبه ألا نكون في جهل كما أهل كورة الجرجسيين فبدل السجود للرب طلبوا رحيله عنهم ووداعة السيد لم تعارض طلبهم بالرغم من الإحسان الذي قدمه لهم. ولا ننخدع بأكبر خدعة من الشيطان الذي يوهمنا بأنه غير موجود فكثير من المسيحيين يعتبرون الشيطان اختراعاً تقوياً لمؤمنين يريدون أن يشخّصوا الشر أو يبرروا لأهواءهم البشرية بذلك، لكن الشيطان شحص موجود قد خاطب السيد كما رأينا في النص الإنجيلي.
ولننتبه يا أحباء أن الرب سمح للشيطان بالعمل قبل الحكم عليه في الدينونة العامة لأن ذلك يفيد في كمالنا الروحي. والشيطان مغلوب لا محالة وهذا ما يظهر من قوله ليسوع بعد أن طرده من المجنونين ” لماذا جئت قبل الأوان لتعذبنا ؟” وندرة هذه الظواهر في وقتنا الحاضر تشير بوضوح إلى حقيقة قوة التجسد والبشارة والكنيسة وأسرارها المقدسة وفاعليتها في البشرية كقوة ونعمة من الرب قد سحقت رأس الأفعى. إضافة إلى أن حبائل الشيطان تتبدل مع الزمن وتتنوع في الأسلوب محاولاً بشتى الوسائل أن يضع الإنسان في قبر خطاياه بعيداً عن النور. فإما أخطاء بالأفكار والمعتقدات والفلسفات البعيدة عن نور المسيح وإما بالكبرياء والتسلط والفوة الظالمة للبشر أي فلسفة الأقوياء الذين يفرضون ناموس الغاب، محاولاً أن يرمي الإنسان في اليأس من رحمة الرب.
ولكن الإنجيل يعلن لنا في هذا الحدث أن الرب جاء ليغلب وليطرد كل فعل وفكر يمكن أن ينخدع به الإنسان من الشيطان. ولكن بالمحبة والوداعة والشفقة والتحنن وحمل الضعف على أن يتقوى ويرى خدمتنا له، فنترجم بذلك معنى صلاتنا في القداس ” وليأت ملكوتك” فتندفع من داخلنا بقوة وبكل ما تعنيه هذه الكلمة من قوة وتحديات والتزامات تجاه أنفسنا والقريب، فما بدأه الرب يسوع اليوم في هذا الحدث في الإنجيل، علينا أن نتابعه نحن ( إخوته) كما دعانا وسمانا، طالبين منه كل المعونة والقوة والنعمة. آمين.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share