‫أيقونة النبي إيلياس الغيور في كنيسة مار الياس ديرخونا

mjoa Sunday July 22, 2012 163

مشيئة الله حاضرة دوما في حياتنا ومن يقول غير ذلك فهو على خطأ، والدليل كل الدليل في ما عاشته عائلتنا مع أيقونة النبي إيلياس الغيور.
بدأت القصة في صيف 1983، في خضم الأحداث الأليمة التي أصابت الجبل وهجّرت أهله فدمرت كنائسه وسلبت أدياره. يومها، كان المعلم رومانوس ابن حنا رزق الله بو عساف من حمانا، وهو أحد أهم البنائين في البلدة والمنطقة يرمم منزل آل متني في حمانا، وكان هناك حاجز للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فلفتت انتباهه من بعيد لوحة خشبية استعملها المسلحون كحاجز لموقعهم. وعندما اقترب منهم ألقى عليهم التحية وتأمل بالصورة فعرف أنها تعود للنبي إيليا. عندها، وعلى مثال إيليا الغيور، غار على صورة قديس ونبي من صلب إيمانه المسيحي، فأراد بأية طريقة كانت إنقاذ هذا الكنز الروحي من أيدي أناس يجهلون قيمته ومعناه. فما كان إلا أن طلب من أحد العناصر المسلحة، متجاهلا الخطر والخوف من سلاحهم أن يحصل على هذه الصورة، قائلا له:” هل أستطيع أن أحصل على هذا اللوح الخشبي، أحتاج إليه في عملي”. ولم يكن يتصور أن الحصول على طلبه سوف يكون بهذه السهولة. فأخذها بيديه غير مصدق حصوله على هذا الكنز الثمين منتظرا وصول ابنته “هند” في نهاية نهار عمله لتصطحبه الى المنزل. وهكذا دخلت الأيقونة منزل “رومانوس حنا بو عساف” الذي حرص على تنظيفها بعناية وغيرة مقدسة. بعدها، تم تثبيت الأيقونة في صدر الدار وأحاطها بكل تكريم وإجلال واعتبرها نعمة من الله ومصدر بركة للعائلة ومن شدة فرحته وفخره بما حقق كان يخبر كل زواره عنها.


Mar Elias Deir Khounaفي أحد الأيام، أتى شقيقه الراهب اللبناني الماروني الأب جورج عساف توما، وكان أنذاك رئيس دير مار أنطونيوس حمانا، طالبا منه أخذ الأيقونة الى معهد الفن المقدَّس في جامعة الروح القدس الكسليك عند الأب عبدو بدوي لترميمها، فرفض رومانوس وأصرَّ على إبقائها على طابعها القديم.

فكان تدخل مشيئة الله. لم تشأ العناية الإلهية إلا أن تخرج هذه الأيقونة مع من دخلت على يده الى المنزل. لقد توفي رومانوس بو عساف في 15 نيسان 2012 يوم عيد القيامة المجيدة بحسب التقويم الشرقي ويوم الأحد الجديد بحسب التقويم الغربي، ولدى تقديم التعازي عند منزل الفقيد، استفسر كاهن الرعية الأب جوزف ضاهر الراهب الماروني اللبناني ورئيس دير مار أنطونيوس حمانا الحالي، عن اللوحة التي كانت قد لفتت نظره مسبقا، فسرد أولاده قصة الأيقونة. وشاءت العناية الإلهية أن يلتقي الأب جوزف ضاهر بكاهن رعية بحمدون للروم الأرثوذكس الخوري أنطونيوس نصر، فقال له:”في قرية ديرخونا تمَّ ترميم الكنيسة القديمة بعد أن فقدت أيقوناتها وموجوداتها، والتي لا نملك أي منها”. تذكر الأب ضاهر في حينها قصة الأيقونة لدى منزل المرحوم رومانوس وكان مدونا عليها اسم رعية ديرخونا. وقبل يومين من سيامة الأخ شربل عساف الكهونتية وهو راهب لبناني ماروني وابن أخ رومانوس وفليونه، قدم الأب جوزف ضاهر مع الأخ شربل الى منزل العائلة وبلباقته المعهودة وذكائه المعروف أعلمهم أنه آن الأوان للأيقونة أن تعود الى كنيستها الأم مجدداً. فما كان من ايلي، هند، ايفلين ودعد إلا أن لبوا رغبته بصدر رحب رغم تأثرهم العميق لتعلقهم بهذه الأيقونة وما تحمل لهم من معان لأنها تذكرهم بوالدهم. وهنا قال ايلي للأب الرئيس :” لو كان أبي على قيد الحياة لكان أعادها بنفسه الى الدير ومشيا على الأقدام!”

وهكذا كان. فقد سلمت عائلة رومانوس حنا بو عساف الأمانة التي حافظت عليها منذ صيف 1983 الى 3 تموز 2012 الى كنيستها الأم . وكأن هذه الأيقونة كان تنتظر في منزل رومانوس بو عساف في حمانا، بين أيد أمينة، بين أشخاص يحرصون عليها كل الحرص، في مكان تكون فيه في الحفظ والصون، الى أن يحين وقت عودتها إلى حيث يجب أن تكون.
غيرة بيتك أكلتني ( يو 17:2 مز 9:69)

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share