هذا النص الذي نقرأه من انجيل متى في هذا الأحد هو امتداد للموعظة على الجبل أو لنص التطويبات وهو يأتي بعد خمسة محاور أساسية يجاوب فيها الرب يسوع وهي بالترتيب:
في جدال التلاميذ فيما بينهم من هو الأعظم؟ فيجيب الرب يسوع : “من أراد أن يكون أول القوم فليكن آخرهم وخادمهم”. بكلام آخر أراد السيد أن يقول أن منطق العظمة هو منطق الطفل فساوى نفسه بالطفل وليس نفسه فقط بل الذي ارسله فقال: من قبل واحدا من أمثال هؤلاء الأطفال باسمي فقد قبلني وقبل الذي أرسلني. انزعاج التلاميذ من انسان يخرج الشياطين باسم يسوع و لكنه لا يتبعهم فيجيبهم الرب يسوع من لا يكون علينا فهو معنا. لاحظوا أنه لم يقل من لا يكون معنا فهو علينا.
.
موضوع ايقاع الآخرين بالخطايا فيجيب الرب يسوع ليس فقط المطلوب عدم التشكيك بل حلولاً جذرية تقطع الشك وتعطي الشهادة “اذا كانت عينك سبب عثرة لك فأقلعها فلأن تدخل الحياة وأنت أعور خير لك من أن يكون لك عينان وتلقى في نار جهنم. في التعليم الرابع يطرح عليه موضوع الزواج والطلاق فيجيب الرب يسوع أن هذا الموضوع من تصميم الله وتدبيره لأنه منذ البدء بدء الخليقة خلقهما ذكرا وانثى و ما جمعه الله لا يفرقه انسان أي استحالة هدمه.
التعليم الخامس يأتي مزدوج التعبير: في الكلام و في التصرف :جاءه بعض الناس بأولاد صغار ليضع يده عليهم فانتهرهم التلاميذ ورأى الرب يسوع ذلك فغضب وقال لهم دعوا الأولاد يأتون الي و لا تمنعوهم لأن لمثل أولئك ملكوت السماوات ثم حضنهم ووضع يده عليهم وباركهم .
بعد هذه التعاليم الخمسة مباشرة نرى شاب يأتي ويسجد امامه و كأن ما سيحصل هو استكمال و تطبيق للتعاليم التي سبقت اللقاء الخمسة.
يقول هذا النص أن رجلا غنياأسرع وسجد له وسأله ماذا يجب أن يعمل ليرث الحياة الأبدية وبعد تذكير الرب يسوع اياه بالوصايا, وضع لنفسه علامات جديدة في ممارستها ونظر اليه الرب يسوع و أحبه وقال له: يعوزك شيىء واحد أذهب , بع, وزع, وتعال اتبعني. بمعنى آخر الرب يسوع يطرح عليه أن يولد من جديد
وهنا يشدد الرب على فعل الحب الذي هو على هذا المستوى الذي يتجاوز مستوى العواطف والمشاعر فيصل الى مستوى الفعل.
الرب يسوع يطلب منه أن ينتقل من منطق الشريعة الى منطقه هو من بنود الشريعة الى شخص الرب يسوع نفسه هو فعل حب يتجرد من كل الضمانات والممتلكات وحتى العلاقة مع الشريعة التي تبرره.
لقاء الرب يسوع مع الشاب الغني هو بالفعل لقاء الله مع البشرية التي استغنت عنه ووقعت في حالة “من هو الأعظم ؟” وأرادت احتواء الله وحبسه في انتماءات صغيرة “منعناه لأنه لا يتبعنا” وأوقعت الصغار في الخطيئة وأرادت التفلت من رباط الخلق {رجلا وأنثى خلقهما} والباب الوحيد للدخول من جديد هو وجه الطفل .و الطفل صغير و الباب ضيق لأنه رحم الآب الذي يلدنا بأبنه الى منطق الروح.
اذا أردت أن أقرأ هذا النص ثانية فسأقرأه هكذا فقط:
وبينما هو خارج الى الطريق أسرع إليه شاب وجثا له،فنظر إليه يسوع فأحبه فقال له:تعال اتبعني. آمين