يا ربّي وإلهي ومخلّصي يسوع، طوبى للذين يسكنون في نورك النقيّ المقدّس. طوبى للذين يقيمون في حضرتك.
إنّ أفعال الظلمة التي اقترفناها قد طرحَتْنا دون نورك وحضرتك، خطايانا سَبَتْنا بعيدًا عن نورك وقداستك. فإنّه يستحيل أن تستقرّ الآثام حيث تسكن أنت. لذا، بدل الطوبى أتت علينا اللعنة، لعنة الناموس على الذين لا يثبتون في كلامك، ولا يحفظون ما توصي به أنت (غل 3: 10).
وصاياك هي إرشادات تهدينا إلى الحياة، ومخالفتها ارتماء في هاوية الموت. لكنّنا فضّلنا اللعنة والموت عندما خالفنا ما علّمتَنا إيّاه أنت. وهناك، حيث انتهينا، لم يكن لنا من معين ينقذنا من المكان الذي انحدرنا إليه، ويبرّرنا من خطايانا. كان كلّ شيء حولنا موتًا، حتّى ضميرنا نفسه مات، ولا النبوءات والكتب المقدّسة كانت قادرة على انتشالنا، لأنّ قلبنا أصبح قاسيًا، لا تسري فيه الحياة. ما أقسى لعنة الخطيئة!
مَن يرفع عنّا اللعنة ويُعيدُنا إليك؟
مَن يستطيع أن يؤهّلنا للوقوف في حضرتك، ونحن مدانون لِما اقترفناه، مُلْقَون هناك بعيدًا عن وجهك؟
من يستطيع أن يغفر خطايانا سوى الله وحده؟
يقول الناموس، إنّ لعنة الخطيئة لا تُغتفر إلاّ بسفك الدم (عب 9: 22). ولكن حبّذا لو يشرق الخلاص المنشود أبديًّا لا وقتيًّا، وحبّذا لو تقدّم ذبيحة تقدر أن ترفع خطاياي وتلغي ذكرها من ذهني… وتجعلني كاملاً (عب 10: 1-3). أتيتَ يا مسيحي، يا معلّم المحبّة، مريدًا تحقيق خلاصي مِن دينونتي.
وإذ عرفتَ أنّ أباك السماويّ لا يريد “ذبيحة أو قربانًا” أرضيًّا، على منوال الحلول المؤقّتة السابقة، قُلتَ: “هاءنذا أجيء” (عب 10: 5-9). أتيتَ لتقدّسَنا مِن جديد يا يسوع المحبّ. قدّمتَ ذاتَكَ ذبيحةً لِغُفرانِ خطايانا. ولمـّا كنّا أرقّاء مستعبدين تحت الخطيئة وتحت اللعنة، اشتريتَ حرّيتنا، والثمنُ كان دمَك… سدّدتَ ثمن حرّيتِنا من اللعنةِ بِدَمِكَ المُهَراقِ على الصليب. على الصليب عُلّقتَ مُسمَّرًا، لكي نتحرّر نحن من قيود الخطيئة واللعنة. لم يُثْنِكَ عن قصدك الخلاصيّ أنّ الناموس يَلعن كلَّ من عُلّق على خشبة (غل 3: 13). هكذا، “صرتَ لعنةً من أجلنا”، صُلبتَ كخاطئٍ (أنظر 2كور 5: 21) لكي نصير نحن بِرَّ الله بك، لكي نتحرّر نحن من لعنة الناموس.
بصليبك افتديتَنا وباركتَنا، وبدمك الكريم اشتريتَ حريّتَنا وبرّرتَنا مِن خطايانا. لقد شئتَ فجعلتَنا أهلاً لأن ندخل ملكوتَك السماويّ وحضرتَك السنيّة، التي لا يقف فيها إلاّ المقدَّسون. “فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً (عب 10: 10).
نحن أصبَحْنا لك وحدك، وآخَرَ سواك لا نعرف، يا من صُلِبْتَ من أجلنا وقُمت من الأموات منتصرًا (رو 7: 4).
اليوم إذْ يَنتصِبُ صليبُكَ في الكنائس، يا رَبُّ، له نسجد ونركع بالشكر والحمد. صليبُك يعطينا قوّة وشجاعةً وعزمًا في وسط جهاد الصيام. لقد تعلّمنا منه المحبّة والتضحية ونكران الأنا المَرَضِيّة. عندما ننظر إليه نفرح بالخلاص الذي نتنعّم به بفضله، ونتذكّر أنّ الصليب هو قاعدة سلوكنا في حياتنا على الأرض. بالصليب نصبح مثلك، نقتني فكرك، ونَثْبُتُ في نعمة غفرانك.