حاضر رئيس دير مار الياس شويا البطريركي الاسقف قسطنطين كيال، برعاية بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، حول” عيد قطع راس يوحنا المعمدان: مساهمة انطاكية في الليتورجية الارثوذكسية”، ضمن سلسلة” انطاكيا والليتورجيا” بتنظيم من جامعة البلمند ومعهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي، في قاعة البطريرك اغناطيوس الرابع في معهد اللاهوت في حضور رئيس دير سيدة البلمند البطريركي الارشمندريت يعقوب خليل، الارشمندريت الدكتور يعقوب الخوري، رئيس معهد اللاهوت الاب بورفيريوس جورجي، الدكتور دنيال عيوش واساتذة اللاهوت في جامعة البلمند، كهنة وطلاب ومدعويين.
استهل اللقاء بكلمة ترحيب وتعريف من الاب جورجي نوه فيها بالضيف المحاضر واهمية دراساته اللاهوتية والليتورجية.
ثم اشار الاسقف كيال في بداية حديثه الى ان اعياد كنيستنا تندرج” لتكريم القديس يوحنا المعمدان في مفهوم الكنيسة المسيحية العام عن العيد”. مؤكدا ان الكنيسة” لم تكتف اثناء تعييدها باستذكار الاحداث المعيدة، بل هي تعييدها سريا. في كل عيد على مدار العام، يتعمق المؤمنون في سر الخلاص. هكذا يصير العيد عامل الجمع في الحياة المسيحية، الحدث الذي يجمع فيه اعضاء الكنيسة بصرف النظر عن اشكال التمييز، ويتحدون في المسيرة المشتركة الى الازلية”.
ولفت الى انه يعيد عيد قطع هامة السابق الكريم في 29 اب. و”لهذا العيد مكانة مميزة في الدورة الليتورجية، بناء على اهمية صاحبه في التدبير الالهي. لكنه الى ذلك يكتسب اهمية خاصة من الناحية العلمية اذ ان مشكلة التحديد لنشأة عيد قطع هامة السابق الكريم وظهوره لم يشغل البحث العلمي بشكل كاف، ولم يكن موضوع دراسة واشكالية عند الباحثين، بل طرحت بعض الاراء بخصوصه على هامش دراسات اخرى.”
واستعرض كيال بدايات تحديد العيد الزمنية. وراى انه تثبت، من دراسة المصادر، نحو اواسط القرن الرابع. وشدد على ان “عيد قطع هامة السابق الكريم اكتسب بهاء مميزا، وانتشر في كل العالم المسيحي قبل مجمع خلقيدونية عام 451 ، وترسخ في ممارسة الكنيسة الليتورجية.”
وركز على منشأ العيد وانتشاره في العالم المسيحي. مبديا ملاحظاته حول تشييد كنائس في منطقة انطاكية، اواخر القرن الرابع واواسط القرن الخامس، لتكريم السابق. وذلك” بموازاة تزايد التقاليد حول نقل ذخائر السابق الكريمة الى كنائس انطاكية، وعلى راسها وجود هامة السابق الشريفة في حمص عام 453..” وتطرق الى “جامع قائم الى اليوم في مدينة دمشق وقد كان في بدايات المسيحية كنيسة لتكريم السابق، وتحول الى جامع بعد الفتح العربي. وحسب التقليد بنيت الكنيسة على قبر السابق او في مكان حفظ ذخائره الكريمة او هامته الشريفة.”
واكد من خلال المعطيات المختلفة التي اوردها بان” العيد ياتي اولا من بيئة انطاكية الكنسية، حيث تثبت، وانه من هناك انتقل وبلغ اورشليم والاسكندرية والقسطنطينية وروما، قبل العام 451 حيثما انعقد المجمع الخلقيدوني الذي حصل فيه الانشقاق في الكنيسة الشرقية، والذي اثر تباعا في تقويم الاعياد.”
واستعرض اهم الاسباب التي ادت الى تحديد التعييد في 29 آب. معتبرا ان” نقل العيد من شهر اذار الى شهر آب يرتبط بحدث غاية في الاهمية بالنسبة للكنيسة الا وهو وجود هامة السابق الشريفة الثاني في حمص سوريا.”
ولفت النظر الى ان” شخص السابق، كان منذ سنوات المسيحية الاولى موضوع مديح من اباء كثيرين، والتعييد لقطع هامته اعطى الفرصة لتكريم شخصه واستشهاده. ما يبرهن على اهمية العيد في الليتورجية، وعلى عظمة دور انطاكية في المساهمة بتكوين الدورة الليتورجية السنوية”.
وختم بان” الكنيسة الانطاكية تعيش حالة فاقعة من الاضطهاد تطول كل ابنائها وتصيب كل مؤسساتها. واطار المعالجة الطاغي هو الاطار السياسي، والخطاب الدارج هو خطاب الحفاظ على الاقليات والدفاع عن حقوقها. لكننا نؤمن ان الحل لا يمكن ان ينبع الا من ايماننا نفسه ومن اللاهوت الذي يعبر عن هذا الايمان. انطاكيا بذرت في العالم المسيحي اجمع تكريم شهادة يوحنا السابق والمعمدان، ولها في هذا خير ثواب، اذ خصها الله على مدى القرون بنعمة الشهادة ومعمودية الدم بدءا باسقفها الاول اغناطيوس وحتى هذه اللحظة. ادخلت انطاكيا الى الليتورجية تكريم قطع هامة السابق لان ايمانها قائم على اساس معمداني، لا يخاف سلطة هذا العالم وقواه، ويعتصم بالله ويشهد له حتى الاستشهاد. من هنا نرى ان مساهمة انطاكية الليتورجية هي في الوقت عينه المساهمة التي تقدمها كنيستنا لمواجهة الضيقة الحالية، بايمان معمداني وحضور في هذه البقعة من الارض يبتغي، اولا واخيرا، الشهادة للرب حتى البذل الكلي بلا خوف ولا هرب ولا استرضاء لاي قوة، بل انفتاح على كل الناس بزخم الايمان وجرأة الشهادة للتذكير بسلطة محبة الله على العالمين منهلا لكل نمط يتوسله الناس لادارة شؤونهم بعيدا عن لغة الاعداد والارقام والموازين والتحاصص.”
وجرى حوار بين الضيف والحضور