أحــد مريــم المصرية
كلمة الراعي:
التسلط والسيادة الحقيقية
في عالمنا كثيراً ما يسعى الانسان ان يحتل مركزاُ مرموقاً، كثيراً ما يحاول المرء أن يجلس في مكان يتمتع به بسلطة يتسلط بها على الآخرين، كثيراً ما يحاول ان يقف عن يمبن قوي أو عن يساره فيسكر بنشوة التحكم بالآخرين اذ انه يعتبر ان القوي بقوته يتحكم بالآخرين وبالتالي اذا ما جلس عن يمين القوي لا بد له الاً وان يسيطر على الآخرين.
مسكين الانسان اذا فكّر بذلك: أولاً: لأن القوي الحقيقي ليس ذلك الذي يبدو قوياً بحسب قاموس هذا العالم، فإذا ما سعى الانسان الى هذا القوي لوجد نفسه أمام قوّة مزيّفة لا تدوم ويكتشف بمرارة انها سراب يتلاشى لأن هذا العالم يمضي وشهوته وقواه كلها تزول وتفنى- فخارج الله القدوس “القوي” الذي لا يموت لا يجد المرء أي سبيل لقوة حقيقية تدوم في حياته ولا أحد ولا الموت نفسه، يستطيع ان ينزعها منه- ثانياً: لأن الوقوف عن يمين أو يسار قوة واهية من قوى هذا العالم لأجل التحكم الباطش بالآخرين لا بد الاّ وان يثير نقمتهم (أي نقمة الآخرين) وغيرتهم الحاسدة وكأنهم يقولون “لماذا يتسلط عليّ، لماذا لا أتسلط أنا عليه”. الحلقة تتتابع ولا حد لها بل هي حلقة مُفْرَغَة يدور فيها الانسان دون ان يتمكن ان يعيَ نفسه في حقيقته الإلهية أي في حقيقة صورة الله التي أُعطيت له في تصميم الإله المتحنن له. أيها الأحباء: السيادة الحقيقية التي وهبنا اياها الرب القدوس عند خلقه الانسان، هذه السيادة التي أرادها السيد المتحنن علينا نحن خليقته، هذه السيادة الثابتة في الانسان مدى الدهر والى أبد الآبدين، هذه السيادة لا يُعبّر عنها الاّ “ببذل الذات” من أجل الآخرين، هذه السيادة أرادها لنا من أتى ليَخْدُم وليس ليُخْدَم، هذه السيادة وهبنا اياها من صعد على الصليب ليخزي قوة العدو ويجعل الاثنين واحداً ويهدم “سياج العداوة المتوسط” بين الله والانسان وبين الانسان والانسان فيلغي الحواجز كلها مهما كانت. هذه السيادة التي نحن مدعوون اليها ونحن نتابع المسيرة الخلاصية نحو الآلام المقدسة فليبارك الرب الإله طريقنا ويجعلنا نتابعها بكل ايمان حتى نصل اليه مصلوباً فندخل أنوار قيامته. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس
نشرة البشارة
العدد 15 – في 9/4/1995