استقامة الرأي – جريدة النهار، المطران جورج (خضر)
غداً هو الأحد الأول من الصوم في كنيستي ويسمى أحد الأرثوذكسية وتعني في العربية أحد إستقامة الرأي. منذ القرن الرابع أو قبيله استقامة الرأي تدل عند أصحابها على التراث السليم الذي تسلموه من الأوائل وضد الاستقامة هذه الهرطقة أي البدعة.
في هذا المقال المستقيم الرأي عبارة تعني المحافظ على العقيدة السليمة البارزة من بعد الأناجيل عند المسيحيين القابلين المجامع المسكونية وهي سبعة عند الكاثوليك والأرثوذكس وعند غيرهم هي أقل مع التأكيد على أن المسيحيين كلهم لا يختلفون في مضمون إيمانهم ولو قال بعض بأربعة مجامع ملزمة وآخرون بسبعة أو أكثر. بتبسيط الكلام ليس من إختلاف جوهري في العقيدة بين المسيحيين. كلهم يؤمن بصلب السيد وقيامته والثالوث وغير ذلك تفاصيل. بصورة عامة وأكيدة المسيحيون إيمانهم واحد أو كان واحداً قبل ان تعلن الكنيسة الكاثوليكية أولية البابا وعصمته عقيدة السنة الـ1870.
نحن والكاثوليك والإنجيليين نقول في المسيح قولاً واحداً. أما إذا قال أكثرنا أن له طبيعتين وبعضنا أن له طبيعة واحدة فمضمون الكلام واحد أي إنه إله وإنسان معاً. ليس فريق يدمج بين ألوهية السيد وناسوتيته بفصل الواحدة عن الأخرى. في حقيقة المعنى المقصود ولو اختلفت التعابير لا فرق إطلاقاً بيننا في الحديث عن جوهر المسيح. اختلفنا في الكلام ولم نختلف في حقيقة إيماننا. فإذا كان الإيمان هو الإيمان بما هو المسيح فما من فرق بين أي فريق مسيحي وفريق آخر.
على صعيد الكلام في المسيح كلنا مستقيمو الرأي. الباقي كلام في غير المسيح. إعلان كنيسة روما رئاسة البابا وعصمته عقيدة السنة ١٨٧٠ كان شيئاً جديداً. هل الكنيسة الكاثوليكية تخرجنا اليوم عن استقامة الرأي إذا لم نقل بعقيدة أعلنتها سنة ١٨٧٠ فقط إعلاناً رسمياً أعني رئاسة بابا روما وعصمته؟ ما أعرفه أن كنيسة روما لا تحسب الكنيسة الأرثوذكسية في حالة بدعة. ترى انها في حالة انشقاق والانشقاق حاصل في الكنيسة الواحدة ولا يؤلف كنيستين. في التحديد الدقيق الأرثوذكس والكاثوليك في حالة ابتعاد ما لم يصدر موقف رسمي من أية منها بتخطئة الأخرى عقائدياً.
هل تتضمن عقيدة رئاسة البابا وعصمته المعلنة السنة ١٨٧٠ تخطئة صريحة للكنيسة الأرثوذكسية؟ إن تسمية كل واحدة للأخرى كنيسة شقيقة ليست تسمية تهذيب، انها قناعة. لا تعني كياناً مستقلاً آخر. حتى الآن لم أعثر على نص كاثوليكي يتهّم الأرثوذكس بالانحراف العقائدي أو الكنسي. نحن إذاً في موقف التناظر بين إخوة. في اللاهوت لا نستعمل تعابير للتهذيب الإجتماعي. ومهما إشتد النزاع بين المتعصبين فالمهم وحدتهم التي يراها المسيح.
أنا ارتضي من المسيحيين من لا يخاطب مريم في الصلاة على ألا يكفر الذين يخاطبونها. صلّ كما شئت ولا تفصلني عنك. أنا أعرف من البروتستانت من يحبون مريم حباً كثيراً. لا يخاطبونها بالصلاة هذا شأنهم على ألا يكفروني إن خاطبتها. ليس عندي شيء على من لا يحب أن يخاطب مريم على أن يتركني حراً في مخاطبتها. أنا أحزن أن مسيحيّاً يأبى أن يخاطب مريم ولكن لا اضطره إذا رأى أنه في ذلك يفتقر من حبه للمسيح.
من رأى إنه إذا استشفع القديسين ينقص من محبته ليسوع هذا له ومن رأى أنه يحب القديسين مع يسوع فهذا له أيضاً. لا يكفر بعضنا بعضا بلا سبب. الله يدين من يشاء إذا أتت دينونته. لا تستبقوا الدينونة حسب خاطركم. من أنا لأدين أحداً؟ الله وحده يدين.
جريدة النهار
19 آذار 2016