الرسالة الفصحية – المطران بولس (بندلي)

mjoa Tuesday May 17, 2016 189

الرسالة الفصحية – المطران بولس (بندلي)
 الى قدس الآباء الأجلاء والشمامسة الورعين وأبنائنا المحبوبين جداً بالرب.
في عيد الأعياد وموسم المواسم نتوجه اليكم أيها الأحباء قائلين لكم: “اليوم يوم القيامة فلنتلألأ بالموسم ونصافح بعضنا بعضاً ولنقل يا اخوة ونصفح لمبغضينا عن كل شيء في القيامة ونهتف هكذا قائلين: المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور”.

نعم يا أحبائي، اليوم ليس يوماً كبقية الأيام، انه يوم قيامة، يوم الانتصار على ألدِّ عدوٍّ للإنسان وهو الموت. انه الانتصار الذي أحرزته البشرية جمعاء عندما أراد الله بذاته أن يدخل تاريخ الانسان المائت بسبب الخطيئة، والكلمة الذي هو أزلي والكائن أبداً، الكلمة الذي هو الله بالذات والذي لم يحسب مساواته لله اختلاساً، تنازل وأخذ صورة عبوديتنا، فصار جسداً وحلّ فينا ورأينا مجده كمجد وحيد للآب ممتلئاً نعمة وحقاً. واذ أتانا بالنعمة والحق، تبنّانا فأعطانا أن نولد ثانية بالماء والروح، وقبِلَ الآلام الخلاصية، فالتَزَمَنا بصليبه الكريم مُسَمِّراً عليه ضعفنا كي يحوله الى قوة قيامته، واحتضننابدفنه الالهي ذي الثلاثة الأيام لكي يدفن إنساننا العتيق الفاسد بشهوات الخديعة فينهضه آدماً جديداً متجدداً على صورة الخالق البهية.
هذه بعض المعاني لعيدنا العظيم الذي نعيّد له اليوم، ولكنه يجب ألاّ تخفى عنّا بعض الأمور التي نتوخى التأمل بها لكي لا يتحول العيد الكبير الى مجرد ذكرى عابرة، اننا ننشد قائلين “اليوم يوم القيامة” “اليوم” يجب أن يعني “كل يوم” وليس موسماً محدوداً نفكر به من وقت لآخر. إننا مدعوون أن يكون اليوم العادي المؤلف من أربع وعشرين ساعة “يوم قيامة” أي أن يصبح الفصح المقدس “عيداً” لكل يوم من أيام سنتنا المؤلفة من ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً أو من ثلاثمائة وستة وستين يوماً. وهناك وضع يجب أن نقبل بأن تضعنا النعمة الالهية فيه وبالأحرى أن نستسلم لإرادة الله في خلقنا والتي عَزَمت أن تحوّلنا الى انسان القيامة أي الانسان المتلألئ بالأنوار الساطعة من قبر “معطي الحياة”.
إننا مدعوون أن “نقول يا اخوة” أي أن نقبل بهدم الحواجز التي تفصلنا عن الآخرين.
إننا مدعوون أن “نصافح بعضنا بعضاً” أن تتشابك أيدينا في سلام الله الحقيقي مقبّلين بعضنا بعضاً بقبلة مقدّسة، وهذا يفترض أن يكون كياننا كله متجهاً نحو الآخر، قابلاً ايّاه بفرح الوجدان الحي، منتصراً على كل ما يحجب الانسان عنا وذلك بنعمة من قَبِل أن يحجبه قبر لكي يفتح قبور أنانيتنا اذا قبلنا بتدخله المستمر في حياتنا فإنه يقرع على الباب “مستأذناً” لكيما اذا ما فَتحنا له، يدخل ويتعشى معنا، ضاماَ ايّانا الى وليمة محبته.
اننا مدعوون أن “نصفح لمبغضينا” لسنا متوهمين فالشر موجود ونحن في عالم “معرضون فيه” كل يوم أن نواجه قسوة الآخرين كما أنهم هم أيضاً معرّضون لقسوتنا، لكننا على ثقة تامة أن الحب أقوى من الموت لأنه حبّ من أحبّنا أولاً فقَبِل أن يُحوى في قبر جديد لكي يشرق منه في اليوم الثالث منتصراً أكبر انتصار على موت الضغائن والأحقاد التي تهددنا كل يوم فأصبح قوة دافع للصفح عن “كل شيء” في القيامة حتى نستطيع أن نعلن أن المسيح قام دائساً الموت بموته وواهباً الحياة لجميع الذين في القبور.
هذا هو عيدنا أيها الأحباء جداً،
اننا باسم صاحب الغبطة البطريرك أغناطيوس الرابع بطريرك انطاكية وسائر المشرق الكلي الطهر والجزيل الاحترام والأخوين الحبيبين يوحنا أسقف الحصن ورئيس دير مار جرجس -الحميراء البطريركي والمطران باسيليوس أسقف طرطوس وصافيتا وهما مساهما النعمة الالهية في أبرشيتنا المحروسة بالله،
وجميع الاخوة الأحباء مطارنة الكرسي الانطاكي المقدس، نضرع الى الله أن يقوّي رئيس بلدنا ويباركه مع سائر معاونيه في الحكم وأن يؤازرهم الرب الناهض من بين الأموات لكي يصل لبنان الحبيب الى استقرار ثابت ويعيش أبناؤه بطمأنينة وسلام حقيقيين.
وأن يحفظكم الله جميعاً أيها الآباء الأجلاء والأبناء الأحباء مع رعاياكم وعائلاتكم وقد أشرقت عليكم أنوار القيامة المزيلة لكل ظلمة في حياتكم كي تمجدوا الاله الناهض من بين الأموات الى أبد الدهور. آمين.
المسيح قام              حقاً قام  

مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 16- في 19 نيسان 1998
أحـــد الفصح المقدس

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share