تأملات في الغداء الخيري السنوي الثالث لمساندة مركز القديس بولس للخدمات الشاملة – المطران بولس (بندلي)

mjoa Tuesday May 17, 2016 199

تأملات في الغداء الخيري السنوي الثالث لمساندة مركز القديس بولس للخدمات الشاملة – المطران بولس (بندلي)
قال الرسول بولس للأساقفة المجتمعين في ميليتس Militus “ما اشتهيت يوماً فضة أحد أو ذهبه أو ثيابه،وأنتم تعرفون اني بهاتين اليدين اشتغلت وحصلت على ما نحتاج اليه أنا ورفاقي أريتكم في كل شيء كيف يجب علينا بالكد والعمل أن نساعد الضعفاء، متذكرين كلام الرب يسوع: تبارك العطاء أكثر من الأخذ” (أعمال 33:20 -35).

أيها الأحباء جداً بالرب هذا الكلام ليس نظرياً بل هو حقيقة تعاش -اننا بفخر واعتزاز نشاهد بأم أعيننا تحقيق ذلك- نرى بناتنا وأبناءنا يعيشون ما ورد فيه بكل أمانة والشكر لله على كل ذلك.
ان الشهوة لم تعد تدفع الانسان أن يرى ما هو عند الغير ليتمنى الحصول عليه، لم تعد تتعامل الشهوة مع فضة الآخر أو ذهبه أو ثيابه، لم تعد ترى فيه ما يجذب العين أو يسيل اللعاب وكأن الأعين المحبة لم تعد ترى في الآخر سوى الرحمة الالهية التي افتقدت الانسان منذ الدهور فألبسته حلة ضياء يُغَلِّف الطينة البشرية فيكسبها رونقاً وجلالاً ولذلك لم تعد العين “تشتهي” أي شيء عند الآخر وكأنها مجذوبة أبداً الى “صورة الجمال القديم”.
واليدان تحولتا من الضرب والبطش الى التأمل بهما فيُستنتج أنهما خُلقتا لكي تعملا فتشتركان في عمل الخلق الالهي وهذا هو الشرف الالهي العظيم المعطى للإنسان أن يدخل بعمله في شركة الله القدوس الذي يعمل دائماً واذا ما عمل الانسان بيديه وشمل حاجات اخوته مع احتياجاته الخاصة فيتحول بذلك الى “الواحد” الذي يحتاج اليه وحده والذي وحده يشبع القلوب المتعطشة اليه ويجدد كالنسر شبابهم اذ أنه يشبع بالخيرات شهواتهم بشبع حقيقي ونهائي.
وهكذا أفهمنا الأحباء كيف أنه بالكد والعمل يُساعد الضعفاء -فالضعفاء “أسيادنا” اذا أردنا أن ننتبه الى السيد الرب المتجسد من أجلنا اذ طابق ذاته معنا- فإذا ما أردنا أن ننظر اليه كسيد ورب، وهو هكذا، ولكنه لا يتحقق ذلك الاّ اذا سيّدنا علينا المساكين والمرضى والضعفاء والفقراء. هذه هي غاية وجود مركز القديس بولس للخدمات الشاملة ولذلك عندما شاهدنا بأم أعيننا الأقدام الدامية التي كادت تفقد توازنها الطبيعي بسبب الوقوف الساهر، وعندما ملأت آفاق رؤيانا الشباب والصبايا الذين نسوا أن لهم “عطلة أسبوع” يجب أن يتلهوا أثناءها، عندما مُدّت الأيدي لتقدم لهذا المركز ما عند الأحباء في جيوبهم من نقود تترجم العطاء المقدم بمختلف أنواعه أصبحنا ندرك في وسط عالم أنانيتنا المظلم أن العطاء حقاً أفضل من الأخذ داعين للأحباء بأن يبقى في حياتهم ضياء الرب لأن من يحب يعيش في نور الله الذي لا تستطيع أن تحجبه ظلمة هذا الدهر مهما كثفت.

العدد 29 – في 19 تموز  1998
أحـــد آباء المجمع المسكوني الرابع

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share