التمسك بيسوع – المطران بولس (بندلي)

mjoa Monday August 8, 2016 81

التمسك بيسوع  – المطران بولس (بندلي)
غريب عن المفهوم البشري ما نسمعه في إنجيل هذا اليوم!
نرى من جهة رجلاً من شرفاء قومه يتجاسر ليطلب جسداً ميتاً لإنسان حكم عليه بالموت، فعندما أعطي الجسد ها هو يعتني بدفنه عناية كريمة جداً وعوض أن يضعه في أي قبر كان أو في مدفن عمومي، ها هو، بعد تجهيزه كما يليق، يضعه في قبر جديد لم يدفن فيه أحد من قبل.

ومن جهة ثانية نسمع عن ثلاث نساء، وكن قد نظرن بانتباه أين وضع الجسد، وها هن، بعد انقضاء السبت (حيث كان العمل ممنوعاً والتنقل محدوداً، لا يصدقن متى ينبلج فجر يوم الأحد، الأول من الأسبوع، حتى يذهبن مجدّات لوحدهن، متحدّيات ضعفهن الطبيعي وساعيات دون رفقة رجل، وحاملات طيباً مادياً ثميناً الى ميتٍ مدفون في قبر يحرسه حرّاس لكي يمنعوا أيّاً كان من الناس من الاقتراب منه وبنوع خاص المقربين اليه.
الرجل، وهو يوسف الذي من الرامة، كابر لدرجة انه جازف بحياته لكي يحمل بين ذراعيه الجسم المسمَّر والمطعون وكأنه يرجو منه قوةً أعطيت له فعلاً فجعلت يقتحم الصعوبات مهما كانت!
والنساء وهن الحاملات الطيب، اللواتي كن يتجهن الى قبر الحبيب وكانت المحبة تملأ قلوبهن والحب أقوى من الموت ولذلك تابعن المسيرة مهما كانت الصعوبات لأن المحبة وحدها قادرة أن تعطي للإنسان جناحين كالحمامة فيطير ويستريح.
أيها الأحباء لإن أردنا أن نؤمن فعلاً بقيامة السيد فينبغي بنا أن “نتجاسر” لكي نطلب جسد الإله المتأنس من أجلنا والمائت على الصليب -علينا أن نقبل به مائتاً وهذا لن يكون إلاّ اذا عرفنا أن نلقاه في آلامنا وآلام اخوتنا، لن نتعرف عليه حقيقة اذا لم نقبل بتنازله الينا وبمشاركته لنا في مأساة ألمنا وموتنا لأننا اذا ما قبلنا ان “حياتنا” و”حياة العالم” يوضع مع الأموات لكي ينهضهم معه فنحن لا نؤمن به.
 وينبغي أن نسير في كثير من الأحيان و”لوحدنا” كالنساء الحاملات الطيب وفي ليل هذا العمر، نحو قبر يحوي جسد السيد، لا نتوهم أبداً حول حجم الحجر الذي يسد العالم به فوهته وهو عظيم جداً اذ انه حجر اليأس والقنوط الذي يستولي على كل منا، ولا نغفل أبداً عن بشر استأجرتهم ظلمة هذا الدهر لإخفاء قيامة الحمل الدفين، لكننا مع كل خطايانا نسلك كأبناء للنور ونتابع المسيرة مع كل صعوبات الحواجز الفعلية الموجودة في طريقنا فتعطى لنا التعزية التي ليس بعدها تعزية اننا نرى أنفسنا منتصبين أمام قبر مفتوح وملاك لامع كالبرق يهتف نحونا: أنتم تطلبون يسوع الناصري المصلوب، ليس هو ههنا، اتركوا الطيب الذي حملتموه اليه وأنتم تظنونه ميتاً واستبدلوه بطيب تحملونه الى العالم معلنين للجميع أن المسيح قد قام حقاً وداس الموت بموته ووهب الحياة للذين في القبور. آمين.
العدد 17 – في 25 نيسان 1999
أحـــد حاملات الطيب

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share