الإلحاح في طلب رحمة الله – المطران بولس (بندلي)
في المقطع الإنجيلي الذي رتبته الكنيسة المقدسة لهذا اليوم المبارك حادثتان باهرتان تتجلى فيهما قوة الرب يسوع القادر على كل شيء كونه الإله المحب البشر الذي ينحني فوق آلامنا وأوجاعنا فيمسح بنعمته كل دمعة من دموعنا. ولا بد اننا نلاحظ عنده هذه الدعوة الى الإلحاح في طلب رحمة الله وتشجيعه لهذه المثابرة وهل يغيب عن فكرنا كلامه القائل فيه بصيغة الأمر: “إسألوا تعطو، إطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم فإن كل من يسأل يعطى ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له” (مت7:7-8).
أيها الأحباء لقد سمعنا خبر هذه المرأة النازفة الدم التي لم تثنها الفترة الطويلة الممتدة على أثنتي عشرة سنة، ولم يردها الى الوراء إنفاقها لكل ما تملكه طلباً للشفاء، بل ها هي تتقدم الى الرب ملتمسة أن تلمس فقط هدب ثوبه. فلنتأمل بتلك اللجاجة التي أظهرتها في طلبها للشفاء. فكافأها الرب بأن وقف في الحال نزف دمها (لو43:8-44).
ولنعد الى الحادثة المتعلقة برئيس المجمع يايروس فإنه قد أتى الى الرب يعرض عليه أن إبنته الوحيدة قد أشرفت على الموت طالباً من السيد أن يدخل بيته. ونفهم أن الرب لم يبطيء ولا لحظة واحدة وإنما أتى معه على الفور ولكن حادثة شفاء المرأة النازفة الدم لا بد إلاّ وأنه أخر وصوله الى البيت المقصود، وإذ بمن يأتي ليقول لرئيس المجمع إن ابنته قد ماتت. وكأن الأمل بشفائها قد زال نهائياً. لكننا رأينا أن الرب يسوع تدخل ليقول له: “لا تخف” مشدداً إياه في طريق متابعة الإلحاح في طلبه بالرغم مما حدث. قال له السيد: “آمن فقط وهي تحيا” (لو5:8) ورافقه الى داخل البيت لكي يأمر الصبية بأن تقوم فحدثت المعجزة الباهرة وقامت إبنة رئيس المجمع من بين الأموات مؤكدة أن صوت الإله المحيي يسمعه الأموات كما قال الرب في مكان آخر: “لا تتعجبوا في هذا فإنها تأتي ساعة يسمع فيها جميع من في القبور صوت ابن الله” (يو28:5). ويضيف قائلاً: “والذين يسمعون يحيون”.
أيها الأحباء لنكن لجوجين في طلبنا ولنخاطب الرب بكل ثقة به.إن أذنيه مصغيتان الى صوت تضرعنا. إنه الأب الرحوم الذي أكد لنا أنه لن يعطينا حية بدل السمكة ولا حجراً عوض الخبز. فلنأتي اليه بإيمان متضرعين إليه أن ينقينا من كل دنس بشرة وروح وأن ينعم على بلدنا بالسلام الحقيقي الذي هو موهبة من عنده فلن ينزعه أحد منّا. آمين
نشرة البشارة
الأحد 29 تشرين الأول 2006
العدد 44