الصلاة والصوم – المطران جورج (خضر)

mjoa Friday August 11, 2017 466

الصلاة والصوم – المطران جورج (خضر)

بعد أن أدخلتنا الكنيسة في سرّ التجلّي ورأينا مجد المسيح على الجبل، ترشدنا الكلمة الإلهيّة اليوم إلى أنّ الإنسان يُشفى بصلاة وصوم. لنتجاوز شفاء الشابّ المُصاب بالصرع ولننتبه إلى قول يسوع بعد أن عجز التلاميذ عن اقتراف المُعجزة: «لو كان لكم إيمان مثل حبّة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقلْ من ههنا إلى هناك فينتقل». أراد الربّ بهذا القول أنّ إيمانكم لو كانت له حرارة حبّة الخردل لاستطاع كلّ شيء، لاستطاع المستحيلات، إذ ليس شيء مستحيل لدى الله. ولكنّكم تعودون إلى الجحود وإلى الشكّ.

salasawmالرسل الذين لامهم السيّد كان فيهم هذا الجحود لأنّهم لم يكونوا بعد قد عاينوا قيامته ولم يأخذوا الروح القدس. كانوا فريسة التراب الذي فيهم، فريسة الشهوات التي كانت تعشّش في نفوسهم. أرادهم السيّد أن ينظروا إلى الله وإلى قوّته القادرة على أن تحوّلهم إلى أناس جدد وكأنّهم السيّد نفسه.

أرادهم المعلّم أن يمارسوا الإيمان بوجهين، بوجه الصلاة أوّلاً ثمّ بوجه الصوم، وقصدي أن نصل إلى كُنه هاتين الكلمتين. إنّ جوهر الصلاة التي تُمكّننا من المعجزات هي التي نعرف بها أنفسنا قادرين على الله نفسه. فإنّ الله دخل في حديث معنا، جعل نفسَه في حوار بحيث إنّه مكّننا من نفسه، واذا صحّ التعبير فإنّه تنازل عن قدرته الكلّيّة لكي يجعلنا قادرين إزاءه ومعه، فنحن بدورنا خالقون ومُجدّدون لهذه الطبيعة ومُحوّلون لقلوبنا وقلوب الناس.

الصلاة هي أن نكون بتماسّ مع الله بحيث يفعل إذا نحن فعلنا، ويقول إذا قُلنا وعندما يقول الكتاب إنّ الله يستجيب فليس لأنّنا متسوّلون ولكنّنا أبناء، والله يستجيب لأنّنا نستطيع نحن في بيت الآب أن نُغيّر ما يجب تغييره. نحن متسلّطون على بيت الله الذي هو الكون. الله يستجيب ويخلّصنا. مَن كانت له حلاوة الله فهذا يُحَلّي كلّ شيء، ومَن كان له لطف الله فهذا يلطّف بالدنيا فتُصبح هي بدورها لطيفة.

أمّا الصوم فليس المُراد به فقط إمساكًا عن الطعام، ولكنّ القصد الأخير ممّا يُسمّى الصوم هنا هو العفّة.. فالعفّة أن نُمسكَ عن شهوة تتحكّم فينا لكي نُمكّن الله من حاكميّتنا. الصوم أن نُسلّم القيادة لله بحيث لا ننطق عن هوى، ولكنّنا نقول ما يقوله الله على ألسنتنا ونُعبّر عمّا قذفه الله إلى قلوبنا من نعمة. بالصوم يكون الإنسان فقيرًا إلى الله ويعرف نفسه كذلك. ولهذا يستطيع إذا عفَّ أن تُسمع صلاته.

الله يُحاور الذين هم منه. مَن اكتسبَ نعمة الله يصير إلى داخل الله ويُكلّم الله من داخله. إن صرنا قومًا مُصلّين، أعفّاء، لُطفاء بالناس، مُحبّين لهم، إن أردنا ذلك فالله يجعلنا قادرين على أن نتجلّى معه على الجبل وأن يُشرف على حياتنا وحياة كلّ الناس.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

13 آب 2017

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share