حول معرفة الذات والدموع

mjoa Saturday July 25, 2020 162

أحد آباء البرّيّة، لمّا حان وقت رقاده، طلب أن يُعطى مهلة لكي يبدأ فيتوب، وكان قد قضي حياته كلّها في جهاد النسك والتوبة.
فذكّرني بذلك أحد الأصدقاء الملتزمين بالحياة الروحيّة وقال: «لقد زادها». فوافقته، يومئذٍ، من باب المجاملة.
فجئت، اليوم، أعتذر راغبًا في بيان خطئي.
ذلك بأنّ معرفة الذات حقيقة وفي العمق، أمر أساس جدًّا في طريق الخلاص، ويتطلّب العمر كلّه.
يقول المزمور ١٨: ١٢ «من يقدر أن يتبيّن زلاّته؟ نقّني من زلاّتي الخفيّة». ونحن نطلب في صلاتنا: «هبّ لي أن أعرف ذنوبي وعيوبي».
«هبّ لي»: أي إنّها هبة… ولكن ينبغي لنا أن نطلبها.ويبدو لي أنّ مقدار القداسة يُقاس بمقدار معرفة الضعف الذاتيّ. فبولس الرسول، القدّيس العظيم جدًّا، يقول عن نفسه إنّه أوّل الخطأة. والربّ يسوع الإله القدّوس والفائق القداسة هو «حامل خطيئة العالم»، وما أدراك ما خطيئة العالم. وذلك خلال جميع الأجيال حتّى نهاية الدهر. لأنّه القدّوس والفائق القداسة.
هبّ لي أن أعرف ذنوبي وعيوبي، أي أن أُحسّ بها، أن أعيها كلّيًّا؛ أن أُحسّ وأن أبكي… من هنا أهمّيّة الدموع في مسيرة الخلاص. فلا ننسى ما قاله القدّيس إسحق السريانيّ بأنّنا سنُحاسب يوم الدين على العجائب التي فعلناها، بل على الدموع التي ذرفناها أو لم نذرفها.
فلا عجب أن نرى بولس الرسول يُمارس الدموع ويذكرُها كثيرًا.
«كتبت إليكم بدموع كثيرة» (٢كورنثوس ٢: ٤).
«إنّي ثلاث سنين ليلاً ونهارًا لم أفتر من أن أُنذر بدموع كلّ واحد» (أعمال ٢٠: ٣١).
«مشتاقًا أن أراك ذاكرًا دموعك لكي أمتلئ فرحًا» (٢تيموثاوس ١: ٤).
فأين نحن من هذا؟l

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share