القدّيس هيرون الفيلسوف الإسكندري (+ القرن الرابع الميلاديّ)

mjoa Thursday August 10, 2023 217

all_saints

أصل القدّيس هيرون من عائلة مسيحيّة اسكندرانيّة لها في عدادها شهداء. احتقَر المجد والغنى ليمتهِنَ الفلسفة بُغية إخضاع الأهواء وأن يفتح في نفسِه طريقًا إلى الفضيلة من خلال احتقار المحسوسات والعابرات. ورغم أنّه كان يلبس معطف الفلاسفة والوثنيّين، فإنّه سلَكَ في حقيقة الإيمان المسيحيّ واحتقر مجادلات المدارس الفلسفيّة ليسمو إلى علوّ الوصايا الإنجيليّة. لم يقم طويلاً في التنظيرات البطّالة فكان شغفه، أوّلاً وقبل كلّ شيء، ملازمة الحقّ والعدل بإزاء المقترعين وتهدئة اضطرابات الناس وكبح إباحيّة الكبار وإرساء السلام في العائلات المفكّكة وإصلاح خشونة الجهلة وتلطيف عنفوان العلماء وتباهي الأغنياء وضبط توثّبات الغضب والحقد لدى الفقراء وإلهام الجميع محبّة الفضيلة. وقد كان مقدِّرًا لصمته وحياته وتعفّفه واحتشامه ووداعته وسائر الفضائل التي أحلّته فوق ما هو مألوف بين الناس. لعب دورًا، خلال تفشّي الهرطقة الآريوسيّة وما نجم عنها من مفاسد، في الدفاع عن الكلمة المتجسّد والكلام في المحافل العامّة والطعن بالمقتدرين بكلّ جسارة. وقد قبض عليه الهراطقة وأخضعوه للجَلد. لكنّه بقي غير متأثّر وكأنّ الجَلد وقع على غيره لا عليه. وإذ لم ينفع الكلام صمَتَ صمتًا نبيلاً إثباتًا للحقّ الذي لا يقهر. نُفِي إلى واحة في الصحراء حوّلها إلى منبر خطابيّ ذاع منه تعليمه حتى إلى أقاصي الأرض. إثر عودته من المنفى، بعد أربع سنوات، وجّه إليه القدّيس غريعوريوس اللّاهوتي مديحة مؤثّرة وشجّعه على الاستمرار في أداء الشهادة للفلسفة الحقّانية ضد الوثنيّين والهراطقة. وكمثل الحديد الذي يُلقى في الماء البارد ليقسو بعد أن يكون قد جُعل في النار، استمرّ هيرون الفيلسوف، بعدما محّصته المحن، يعلّم أنّ الوحدة الحقّ موجودة في ثالوث الأقانيم الإلهيّة.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share