كان القديس شلّيطا (أرتاميوس) من أبرز رجالات الدولة في أيّام الإمبراطور قسطنطين الكبير. وقد حظيَ بلقب البطريق والدوق الجليل، كما كان حاكمًا عسكريًّا للاسكندريّة وسائر مصر وإليه يعود الفضل في نقل رفات كلّ من القدّيسين أندراوس الرّسول ولوقا الإنجيليّ إلى مدينة القسطنطينيّة. كان شلّيطا (أرتاميوس) موظّفاً أميناً لم تُفسده المناصب والألقاب ولا جعلته يغترّ بنفسه. وقد شهِد أهل زمانه لتقواه وتواضعه وإنصافه ومحبّته للفقير. استمرّ شلّيطا (أرتاميوس) في خدمة الإمبراطور قسطنديوس، بعد قسطنطين الكبير، والإمبراطور يوليانوس الجاحد، إلى سنة رقاده. أمّا خبر استشهاده فمفاده أنّ الإمبراطور يوليانوس الجاحد، الذي عمِل بكلّ جهده على ضرب المسيحيّة واستعادة الوثنيّة، انتقل إلى مدينة أنطاكية ليواصل حربه ضدّ الفُرس. ومن هناك استدعى حكّام المقاطعات مع جنودهم ليؤازروه في سعيه. فلبّى شلّيطا (أرتاميوس) النّداء وجاء بعسكره إلى أنطاكية. وكان ذلك في وقت كان الإمبراطور يحاكم كاهنَين مسيحيَّين، أفجانيوس ومكاريوس، بعدما رفضا الكفر بالمسيح والإذعان لعبادة آلهة الإمبراطور. وقد عامل يوليانوس الكاهنَين بقسوة وأمَر بجلدهما. وإذ عاين شلّيطا (أرتاميوس) ما حدَث، هالَه الأمر فتقدّم من الإمبراطور معترضًا على هذا الظُّلم ومبيّنًا ضلال الاعتقاد بآلهة غير الإله الحقيقيّ، خالق السماء والأرض، وبسيّد غير الرّب يسوع المسيح، وتنبّأ له بأنّه إن هو استمرّ محارباً للمسيح فلن يُكتب له النجاح في حربه ضدّ الفرس، وسيَلقى حتفَه. ردّ الفعل الأوّل للإمبراطور كان الدّهش ثمّ الغضب الشديد، لا سيّما وأنّ يوليانوس كان يشكّ بولاء شلّيطا (أرتاميوس) له كحاكم لمصر. فأمَر به جنوده، فقبضا عليه ونزعوا عنه شاراته وأودعوه السّجن إلى اليوم التالي . في اليوم التالي، وجّه إليه يوليانوس تهمة اغتيال أخيه غايوس – قسطنطين، فدافع شلّيطا (أرتاميوس) عن نفسه، إلى أنّ قال له يوليانوس أنّه مستعدّ لأن يصفح عنه إن هو تخلّى عن إيمانه بالمسيح. ولمّا لم يجد الإمبراطور فائدة من محاولته كسب شلّيطا (أرتاميوس) إليه، سلّمه إلى المعذّبين فأشبعوه ضربًا وتعذيبًا كمثل طعنه بالسّياخ المحمّاة بالنّار وتركه بلا طعام ولا ماء، إلى أن قطعوا هامته. وإنّ سيّدة تقيّة أخذَت جثمانه إلى مدينة القسطنطينيّة حيث بقيَ قروناً طويلةً مصدراً للبركات وشافياً للمرضى. أمّا يوليانوس الجاحد، فانطلق بعد ذلك لمحاربة الفرس فسقط صريعًا في أرض المعركة. وهكذا تحقّقت نبوءة القديس شلّيطا (أرتاميوس) بشأنه. تجدر الإشارة إلى أنّ الاسم الذي غلب للقدّيس أرتاميوس في السريانية هو شلّيطا أو المتسلّط وهو اللّقب الذي أطلقه الإمبراطور قسطنطين الكبير عليه.
طروبارية القدّيس أرتاميوس
لمّا تزيّنتَ بطرائق حُسن العبادة، ظهرتَ أيّها الحكيم أرتاميوس شريكًا في المواهب الجهاديّة، منتظمًا في الصّراعات الشُّجاعة، لذلك أيّها اللّابس الجهاد لمعتَ في المسكونة مثل مصباحٍ ساطع الضياء بشعاعات العجائب من أجل خلاص نفوسنا.