طور سيناء هو الجبل الذي صعد إليه موسى وأخذ من الله لوحَي الوصايا العشر. وبالتحديد يُعرف اليوم بدير القدّيسة كاترينا، وما زالت العلّيقة الملتهبة قائمة في الكنيسة، من القرن الرابع الميلاديّ لا يدخلها المؤمنون إلّا حفاة. في تلك الأنحاء سلَك عدد من النسّاك في السيرة الملائكية الرّهبانية، منذ القرن الرابع الميلاديّ عاشوا في كهوف كلّ على حدة لا يجتمعون إلّا في الآحاد والأعياد ليشتركوا في القدُسات. لا نعرف متى تمّ قتل الآباء الأبرار في طور سيناء قيل في القرن الرّابع وقيل لا بل في القرن الخامس الميلادي. ففيما كان الآباء مجتمعين يومًا، حدث أنّ زعيم البدو في تلك النواحي مات، فاهتاج البدو وانصبّ غيظهم على النسّاك فهاجمهم وفتكوا بثمانية وثلاثين منهم. بعض الآباء قُطعت رؤوسهم والبعض شُقّت أحشائهم والبعض بُتِرَت أوصالهم، كان المنظر مروّعًا، فجأة اندلع من المكان نار ودخان فخاف المهاجمون وفرّوا من المكان، بقيَ فقط اثنان من الآباء أحدهم مات في المساء متأثرًا بجراحه، والآخر واسمه سابا، طلب وتضرّع إلى الربّ الإله أن يضمّه في مصفّ الأبرار الشهداء فكان له ذلك. في هذا اليوم تقيم كنيستنا تذكار الأبرار الشهداء الثلاثة والأربعين الذين سقطوا بسيوف البرابرة في رايثو. تقع رايثو على شاطئ البحر الأحمر على سفر يومين من سيناء هناك وجد العبرانيون اثني عشر نبع ماء وسبعين شجرة بلح (خروج 15: 27) والاسم القديم للمكان إيليم.
كان في رايثو كنيسة محصّنة هاجمها برابرة قدموا من أثيوبيا، كان قصدهم الغزو. ولمّا لم يجدوا عند الرّهبان من مال، قطعوا رؤس الرّهبان، وأبقى المهاجمون شابًّا صغيرًا كان مبتدئًا لحداثته، إذ كان من العمر خمسة عشر سنة، هذا خشيَ أن يفوته قطار الشهادة ويُحسم من شركة هؤلاء الأبرار القدّيسين، فتظاهر بالعنف وخطف سيف أحد المهاجمين وضرب به آخر فشجّه. فلمّا رأى المهاجمون ما حصل فتكوا بالرّاهب الفتى، واحد فقط من الرّهبان نجى وخبّر.
طروباريّة القدّيسين الأبرار المقتولين في طور سيناء
شهداؤك يا رب بجاهدهم نالوا منك الأكاليل غير البالية يا إلهنا لأنّهم أحرزوا قوّتك فحطّموا المغتصبين وسحقوا بأس الشياطين الّتي لا قوّة لها فبتوسّلاتهم أيها المسيح الإله خلّص نفوسنا.