ناسك في إسقيط مصر. امتاز بتشدّده مع نفسه وبرِفقه بالخطأة. يُنقل عنه أنّه مضى إلى قلاّية الأب إشعياء في الإسقيط فوجدَه يأكل. كان هذا قد وضع في القصعة مِلحًا وماء. فلمّا أحسّ إشعياء بقدوم الأب أخيلّا قام وخبّأ الوعاء وراء الحبال. فقال له هذا الأخير: قل لي، ماذا كنت تأكل؟ فاستسمح الأب إشعياء وقال: فيما كنت أقطع الأغصان ارتفعت حرارتي، فجعلت في فمي خبزًا مع قليل من الملح. وإذ جفّ حلقي من شدّة الحرّ ولم أقدر أن أبتلع الخبز، صببت قليلًا من الماء في الملح لأتمكّن من تناول الطعام. فقال أخيلّا: تعالوا انظروا إشعياء يحتسي الشوربة في الإسقيط! إذا كنتَ تريد الشوربة فاذهب إلى مصر.
ومرّة، زار أحد الشيوخ الأب أخيلّا فرآه يتفل دمًا، فسأله: ما هذا يا أبتِ؟ أجابه: إنّه قول أحد الإخوة أحزنني، فجاهدتُ لكي لا أعلمه به، وتضرّعت إلى الله أن يرفعه عنّي، فصار الكلام في فمي دمًا، فتفلتُه واسترحتُ ونسيتُ ما أنا فيه من ضيق.
مرّة أخرى زار ثلاثة شيوخ الأب أخيلّا وكان أحدهم سيّئ السمعة. فقال له الأوّل: اصنع لي شبكة يا أبتِ. فأجابه: لا أصنع لك! وقال له الثاني: اصنع لي معروفًا فأذكرك في الدير، فأجابه: كلّا لأنّه ليس لدي وقت! وقال له الثالث، صاحب السمعة السيّئة: اصنع لي شبكة يا أبت ليكون لي شيء من صنع يديك فأجابه لطلبه للحال. فسأله الأوّلان على حدة: لماذا امتنعتَ عن تلبية طلبنا ورضيتَ أن تصنع له ما أراد؟ فأجاب: قلتُ لن أصنع لكما ولم تحزنا لأنّه لا وقت لديّ. أمّا ذاك فقبلتُ طلبه لئلّا يقول في نفسه لم يرِد الشيخ أن يصنع لي شبكة لأنّه عرف بخطيئتي؛ فلو لم ألبّه لانقطع رجاؤه ومات من شدّة الحزن.
كذلك أُخبر عن القدّيس أنّ الأبوَين أموناس وسميوس مضيا إليه فوجداه قد عمل في اللّيل ضفائر كثيرة، فسألاه كلمة منفعة فأجاب: لقد ضفرتُ منذ البارحة عشرين سلًّا. وصدّقاني، لست بحاجة إلى كلّ ذلك، لكنّي أخاف أن يقول لي الربّ: لماذا لا تعمل ما دمتَ تقوى على العمل؟ من أجل ذلك أعمل وأتعب بكلّ قوّتي. واشتكى أخ لدى البار أخيلّا، مرّة، من جبروت الشيطان على الناس فأجاب: لا سلطان لهم علينا سوى إرادتنا المختلّة التي يستعملونها كفأس يصرعوننا به.