تذكار أبوَينا الجليلَين في القدّيسين أثناسيوس وكيرللس رئيسَي أساقفة الإسكندريّة العظيمَين(+373م)

mjoa Thursday January 18, 2024 295
كانت ولادة أثناسيوس في حدود العام 295 م. نحيف البنية، قصير القامة. اعتاد أن يمشي بانحناءة بسيطة إلى الأمام ولكن برشاقة ولباقة كأنّه أحد أمراء الكنيسة. كان قبطيًّا أكثر منه يونانيًّا. تعلّم الكنيسة من المعلّمين المسيحيّين وأوساط المؤمنين والدوائر الأسقفيّة في الإسكندريّة حيث يبدو أنّه انضمّ حدَثًا إلى حاشية القدّيس ألكسندروس، أسقف المدينة. كتب أثناسيوس وهو في أوائل العشرينات من عمره، مقالتَين إحداهما ضدّ الوثنيّين والأخرى بشأن تجسّد كلمة الله. وقليلًا قليلًا بدأ أثناسيوس يلعب الدور الأبرز في الصّراع ضدّ الهرطقة الأريوسيّة، واجهَهم بقوّة ودون هوادة. بعد انتشار الهرطقة دعا الملك قسطنطين عددًا كبيرًا من الأساقفة والكهنة والشمامسة إلى اجتماع، وكان أثناسيوس الكبير رئيس شمامسة فرافق أسقف الإسكندريّة ألكسندروس وتكلّم باسمه. عرَض آريوس أفكاره، فتصدّى له الفريق الأرثوذكسيّ، وأثناسيوس كان الأبرز في الردّ على آراء آريوس والتصدّي لحججه وتبيان عطبها واقترح هوسيوس وضع دستور إيمان يكون أساسًا للإيمان القويم. في ضوء تعاليم الآباء، جرى اعتماد نصّ يشكّل أساس دستور الإيمان النيقاويّ القسطنطينيّ الذي نتلوه اليوم. أرسى القدّيس أُسُس الفكر اللّاهوتي القويم. ولا مجال للمساكنة أو المهادنة. الزغل في الآراء، في هذا الشأن، قضاء على الكنيسة. أثناسيوس وعى دقّة المسألة وخطورتها حتّى العظم، فأتت حياته، في كلّ ما عانى على مدى ستّ وأربعين سنة، تعبيرًا عن تمسّك لا يلين بكلمة حقّ الإنجيل والإيمان القويم.

cyril-alexandriaبعد ثلاث سنوات رقد ألكسندروس، فاختير أثناسيوس ليحلّ محلّه، جال على مدى سنوات في كلّ الأنحاء المصريّة، حتى الحدود الحبشيّة، يسيم الأساقفة ويختلط بالمؤمنين الذين اعتبروه إلى النهاية أبًا لهم. كما تفقّد الأديرة، حتّى التي في برّية الصعيد. وأقام، لبعض الوقت، في دير القدّيس باخوميوس الذي كان يقدّر أثناسيوس كثيرًا، وقد سمّاه، “أب الإيمان الأرثوذكسيّ بالمسيح”. فيما كان أثناسيوس يتابع اهتمامه بشعبه كأسقف جديد عليهم، كان الآريوسيّون يحيكون خيوط المؤامرة عليه. ونقلوا الصراع من المستوى اللّاهوتي إلى المستوى السياسيّ، وإمعانًا في تشويه صورة أثناسيوس أمام القيصر والعامّة، وجّهوا إليه تُهَمًا عدّة بينها الزنى والسِّحر والقتل. فأتى به الملك قسطنطين إلى صور لمحاكمته، ووُجّهت إليه شتّى التهّم. ظنّوا أنّهم قضوا عليه. وإزاء هذه الشهادات انحلّ عقد المجتمعين على أثناسيوس دون أن ينحلّ حقدهم. وتمكّن قدّيسنا من التواري قبل أن يصدروا في شأنه حكمهم الأخير. وبعد محاكمة ثانية للقدّيس، أبقى عليه الملك أسقفًا للإسكندريّة لكنّه حكم بنفيه إلى “تريف” عاصمة بلاد الغال حيث بقيَ إلى أن رقد قسطنطين في أيار 337 م. وأمّا القدّيس كيرللس فذُكرت سيرة حياته في التاسع من شهر حزيران.

طروبارية القدّيسَين أثناسيوس وكيرللس
لقد تلألأتما بأفعال استقامة الرّأي، وأخمدتما كلَّ رأي وخيم، فصرتُما منتصرَين لابسَي الظفر. وإذ قد أغنيتما الكلَّ بحُسن العبادة، وزيَّنتما الكنيسة بزينةٍ عظيمة، وجدتما باستحقاقٍ المسيح الإله مانحًا الجميع بصلواتكما الرّحمة العظمى.
0 Shares
0 Shares
Tweet
Share