تذكار القدّيس البارّ مكسيموس المعترف (662م)

mjoa Sunday January 21, 2024 274
maximustheconfessorthegreatوُلد القدّيس مكسيموس المعترف في القسطنطينيّة لعائلة مرموقة سنة 850م. كان على ذكاء خارق وتمتّع بقدرة خارقة على التأمّلات الفلسفيّة السامية. درَسَ ولمَعَ وانخرط في السِّلك السياسيّ، اختاره الإمبراطور هيراكليوس، سنة 610م، أمين سرّه الأوّل، لكنّه تخلّى عن مهمّته بعد ثلاث سنوات، وترهّب في دير والدة في مدينة بالقرب من القسطنطينيّة، حيث غذّى نفسه بالصلاة وبالنسك، وارتقى في التأمّلات الإلهيّة. أمضى القدّيس في الهدوئيّة ما يقرب من العشر سنوات، تحوّل بعدها برفقة تلميذ له يدعى أنستاسيوس إلى دير صغير للقدّيس جاورجيوس في كيزيكيوس، هناك باشر بكتابة أولى مؤلّفاته وكانت عبارة عن مقالات نسكيّة تناولت الصراع ضدّ الأهواء، والصلاة، واللّاهوى والمحبّة المقدّسة. لكنّ أحداثاً عسكريّة أجبرت الرّهبان على مغادرة أديرتهم في القسطنطينيّة. مذ ذاك سلَك القدّيس في التشرّد، فأقام في جزيرة كريت لبعض الوقت، حيث شرَع يقاوم لاهوتيّين، من أصحاب الطبيعة الواحدة، وبعد ذلك انتقل إلى قبرص ومنها إلى قرطاجة.
بين السنة 626م و634م تسنّى للقدّيس أن يعرض بعمق لعقيدة التألّه مقدِّمًا الأسس الفلسفيّة واللّاهوتيّة للروحانيّة الأرثوذكسيّة. ففي المقالات التي كتبها، نجد حصيلة (synthèse) لاهوتيّة بشأن تألّه الخليقة. فالانسان جعله الله في العالم كاهنًا يقيم سِرّ الشكر الكونيّ، وهو مدعوّ إلى جمع الكائنات المخلوقة كلّها لتقريبها إلى الكلمة الإلهيّ.
خلال حكم الإمبراطور هيراكليوس، حاول هذا الإمبراطور إيجاد صيغة لاهوتيّة واحدة تجمع المسيحيّين في امبراطوريّتهم بعد سيطرة النزاع حول طبيعة المسيح وطاقته، ووضَع هذه الصيغة بأمر من الإمبراطور البطريرك القسطنطينيّ سرجيوس، وبعد نشر هذه الصيغة، خرج القدّيس صفرونيوس الأورشليميّ عن صمته ودافع عن القول بطبيعتَين في المسيح يسوع، وانتقَل إلى الاسكندريّة وإلى القسطنطينيّة ليبحث الأمر مع البطاركة هناك. القدّيس مكسيموس تولّى الدفاع عن عقيدة الطبيعتَين للمسيح في قرطاجة بالرّغم من صدور قرار من الإمبراطور يحظّر النقاش بهذا الأمر، خاصّة بعد موت القدّيس صفرنيوس فراسل أسقف رومية وذوي الشأن في الامبراطوريّة موضّحًا لهم طبيعتَي يسوع وطاقتَيه. جرى توقيف القدّيس مكسيموس وأودع مع اثنين من تلاميذه في السجن أشهرًا طوالًا قبل أن يمثلوا أمام المحكمة. في المحاكمة وُجّهت إلى مكسيموس تُهَم سياسيّة بالدرجة الأولى، وحُكم عليه بالنّفي واستيق إلى بيزيا في تراقيا.
في السنة 662م مثَل أمام بطريرك القسطنطينيّة ومجمعه للمحاكمة وسألوه عن الكنيسة التي ينتمي إليها فأجابهم: “إنّ الكنيسة الجامعة هي الاعتراف بالايمان الصحيح والخلاصيّ بإله الكون”. هُدّد بالموت فأجاب: “ليتحقّق فيّ ما رسَمه الله من قبل الدهور لأُعطيَ لله المجد الذي له من قبل الدهور!” فلعَنوه وأهانوه وسلّموه إلى حاكم المدينة الذي حكَم عليه بالجلد وقطع لسانه ويده اليمنى اللّذين اعترف بإيمانه. وبعدما استاقوه في شوارع المدينة مدمّى كلّه، أودعوه قلعة في أقاصي القوقاز، في لازيكوس. هناك لفَظ أنفاسه الأخيرة عن عمر يناهز الثانية والثمانين.
طروباريّة القدّيس مكسيموس
يا مكسيموسْ بكَ الكنيسة، فاضت أنهرًا من العقائد، بإلهام الرّوح يا كلِّيَّ المديح. فقد ملأتَ فراغ اللاَّهوتيينْ، وبالجهاد لمَعتَ مُعترفًا. فيا أبانا البارّ، توسَّل إلى المُخلِّصِ، أن يمنحَ الجميعَ الرَّحمةَ العُظمى.
0 Shares
0 Shares
Tweet
Share