أصل القدّيس ثيودوسيوس من أنطاكيا، عاش في القسم الثاني من القرن الرّابع، كان أهله ذوو حسَب ونسَب، ولم يكن ينقصه شيء من أسباب حياة الرّغد في العالم. رغم ذلك، ترك كلّ شيء واستقرّ في قلّاية صغيرة ابتناها لنفسه وانصرف إلى حياة التوبة. كان صارمًا في أصوامه، قوّامًا في أسهاره، وأضاف إلى أصوامه وأسهاره وأتعابه عمل اليدَين. اهتدى الناس إليه بعد أن ذاع صيتُه وصاروا يأتون إليه من كلّ ناحية يطلبون الانضواء تحت لوائه، وصار له عدد كبير من التلاميذ. والضيافة كانت بندًا مهمًّا من بنود قانون حياتهم، فلقد رتّب ثيودوسيوس أن يُصار كلّ سنة يوم الخميس العظيم، إلى توزيع الحسنات على الفقراء في تلك النواحي. وهذه العادة استمرّت في الدير حتّى بعد رقاد القدّيس ثيودوسيوس. انتقل بعد ذلك إلى إلى أنطاكيا بناء لطلب الرؤساء لئلّا يوجد مجرِّبًا لله ويسمح الله للإيصوريين بخطفه على غرار ما فعلوا ببعض الأساقفة ثمّ طالبوا بفدية باهظة لإطلاقهم. أقام بقرب نهر العاصي إلى أن وافَته المنية قرابة العام 412م.